للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال العوفي عن ابن عباس: (الهباء يطير من النار إذا اضطرمت، يطير منه الشرر، فإذا وقع لم يكن شيئاً) (١). وقال عكرمة: المنبث الذي قد ذرته الريح وبثَّته. وقال قتادة: هباءً منبثاً، كيبيس الشجر الذي تذروه الرياح، وقال مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والحسن وقتادة وعطاء الخراساني والضحاك والسدّي: العهن الصوف، وقال البغوي: كالصوف المصبوغ، ولا يقال عِهن إلا للمصبوغ. وقال الحسن: كالصوف الأحمر وهو أضعف الصوف. وقال: المنفوش المندوف. وقال ابن كثير: المنفوش الذي قد شرع في الذهاب والتمزق. وقال في قوله كَثِيبًا مَّهِيلاً: أي تصير ككثبان الرمل بعدما كانت حجارة صماء. وقال البغوي: رملاً سائلاً. قال الكلبي: هو الرمل الذي إذا أخذت منه شيئاً تبعك ما بعده، يقال أهلت الرمل أهيله هيلاً إذا حركت أسفله حتى انهال من أعلاه. وقال نُسِفَتْ قلعت من أماكنها. وقال ابن كثير: ذهب بها فلا يبقى لها عين ولا أثر. وقال في فَكَانَتْ سَرَابًا: أي يخيل إلى النَّاظر أَنَّها شيء، وليس بشيء، وبعد هذا تذهب بالكلية فلا عين ولا أثر. وقال في وَتَسِيرُ الْجِبَالُ: تذهب عن أماكنها وتزول. وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَة [الكهف:٤٧] أي بادية ظاهرة ليس فيها معلم لأحد، ولا مكان يواري أحداً، بل الخلق كلهم ضاحون لربهم لا تخفى عليه منهم خافية. قال مجاهد وقتادة: وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَة لا حجر فيها ولا غيابة. وقال قتادة أيضاً: لا بناء ولا شجر. وقال البغوي: فَدُكَّتَا كسرتا دَكَّةً كسرة وَاحِدَةً. قال: وأول ما تتغير الجبال تصير رملاً مهيلاً، ثم عِهناً منفوشاً، ثم تصير هباءً منثوراً. وقوله رحمه الله تعالى: وكذا البحار فإنها مسجورة، قد فجرت إلخ، يشير إلى قوله تعالى: وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ [التكوير:٦] وقوله عز وجل: وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ [الانفطار:٣] قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: (فجر الله تعالى: بعضها في بعض) (٢). وقال الحسن: فجر الله تعالى: بعضها في بعض فذهب ماؤها. وقال قتادة: اختلط عذبها بمالحها. وقال الكلبي: ملئت. وقوله تعالى: سُجِّرَتْ قال ابن عباس: (أوقدت فصارت ناراً تضطرم) (٣). وقال مجاهد ومقاتل: يعني فجر بعضها في بعض، العذب والملح، فصارت كلها بحراً واحداً. وقال الكلبي: ملئت. وقيل: صارت مياهها بحراً واحداً من الحميم لأهل النار. وقال الحسن: يبست. وهو قول قتادة، قال: ذهب ماؤها فلم يبق فيها قطرة. والمعنى المتحصل من أقوالهم رحمهم الله أنها يفجر بعضها في بعض فتمتلئ ثم تسجر ناراً فيذهب ماؤها، ولهذا جمع ابن القيم رحمه الله تعالى: بينهما فقال (مسجورة قد فجرت) والله تعالى: أعلم. وقوله رحمه الله تعالى: (وكذلك القمران يأذَنُ ربُّنا لهما فيجتمعان) إلخ، يشير إلى قول الله عز وجل وَخَسَفَ الْقَمَرُ وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ [القيامة:٨ – ٩] وقوله إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ [التكوير:١] خسف: أظلم وذهب نوره وضوؤه. وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ [القيامة:٩] أي صارا أسودين مكوَّرين كأنهما ثوران عقيران. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ [التكوير:١]: أظلمت (٤). وقال العوفي عنه: ذهبت. وقال مجاهد: اضمحلت وذهبت. وكذا قال الضحاك. وقال قتادة: ذهب ضوؤها. وقال سعيد بن جبير: كوّرت غورت. وقال ربيع بن خيثم: رمي بها. وقال أبو صالح: ألقيت. وعنه أيضاً: نكست. وقال زيد بن أسلم: تقع في الأرض.


(١) رواه الطبري في ((تفسيره)) (٢٣/ ٩٤).
(٢) رواه الطبري في ((تفسيره)) (٢٤/ ٢٦٧).
(٣) انظر: ((تفسير البغوي)) (٨/ ٣٤٦).
(٤) رواه الطبري في ((تفسيره)) (٢٤/ ٢٣٧)، وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (١٠/ ٣٤٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>