للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والملك اسم جنس – أي الملائكة – على أرجاء السماء، قال ابن عباس: (على ما لم ير منها) (١) أي حافاتها. وكذلك قال سعيد بن جبير والأوزاعي، وقال الضحاك: أي أطرافها، وقال الحسن البصري: أبوابها، وقال الربيع بن أنس: على ما استرق من السماء ينظرون إلى أهل الأرض. وقوله تعالى: السَّمَاءُ مُنفَطِرٌ بِهِ [المزمل:١٨]: متشقق. قال الحسن وقتادة أي بسببه من شدته وهوله، وفُرِجَتْ قال ابن كثير: أي انفطرت وانشقت وتدلت أرجاؤها ووهت أطرافها ...

وقوله:

وإذا أرادَ اللهُ إخراجَ الورى ... بعد الممات إلى معادٍ ثانِ

ألقى على الأرض التي هم تحتها ... ... ... ... إلخ

يشير إلى حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما بطوله وفيه: ((ثم يرسل الله – أو قال يُنْزل الله – تعالى مطراً كأنه الطل أو الظل، فتنبت منه أجساد الناس)) (٢) الحديث. وفي حديث الصور الطويل: ((ثم يُنْزِلُ الله عليهم ماءً مِنْ تحت العرش، ثم يأمر اللهُ السماء أن تمطر أربعين يوماً حتى يكون الماء فوقهم اثني عشر ذراعاً، ثم يأمر الأجساد أن تنبت فتنبت كنباتِ الطراثيث أو كنبات البقل)) (٣) وهو الذي عناه بقوله: (عشراً وعشراً بعدها عشران). وقوله: (أوحى لها ربُّ السماء فتشقَّقت إلخ) يشير إلى قول الله عز وجل وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ [الانفطار:٤]، وقوله أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ [العاديات:٩] قال ابن عباس: بحثت (٤)، وقال السدي: تبعثر تحرك فيخرج من فيها، وقال البغوي: بحثت وقلب ترابها وبعث من فيها من الموتى أحياء، يقال بعثرت الحوض وبحثرته إذا قلبته فجعلت أسفله أعلاه، وقال في الآية الأخرى إِذَا بُعْثِرَ: أثير وأخرج مَا فِي الْقُبُورِ أي من الأموات. وقوله: (وتخلت الأمُ الولودُ إلخ) يشير إلى قوله تعالى: وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ [الانشقاق:٤] قال مجاهد وسعيد وقتادة: ألقتْ ما في بطنها مِنَ الأموات وتخلَّت منهم. اهـ.


(١) رواه الطبري في ((تفسيره)) (٢٣/ ٥٨٢) بلفظ: (لم يَهِ) بدلاً من (لم ير).
(٢) رواه مسلم (٢٩٤٠).
(٣) رواه الطبري مختصراً ومطولاً (٢/ ٣٣٠ - ٣٣١، و٣٠/ ١٨٦ - ١٨٨) وفي (١٧/ ١١٠ - ١١١) وفي (٢٤/ ٣٠)، والطبراني في الأحاديث الطوال (نهاية المعجم الكبير ٢٥/ ٢٢٦) وغيرهم. قال أبو موسى المديني: الحديث وإن كان فيه نكارة وفي إسناده من تكلم فيه فعامة ما يروى مفرقاً في أسانيد ثابتة. وقال ابن كثير في ((تفسير القرآن العظيم)) (٣/ ٢٧٦): هذا حديث مشهور وهو غريب جدا، ولبعضه شواهد في الأحاديث المتفرقة وفي بعض ألفاظه نكارة. تفرد به إسماعيل بن رافع قاص أهل المدينة، وقد اختلف فيه، فمنهم من وثقه، ومنهم من ضعفه، ونص على نكارة حديثه غير واحد من الأئمة، كأحمد بن حنبل، وأبي حاتم الرازي، وعمرو بن علي الفَلاس، ومنهم من قال فيه: هو متروك. وقال ابن عدي: أحاديثه كلها فيها نظر إلا أنه يكتب حديثه في جملة الضعفاء. قلت: وقد اختلف عليه في إسناد هذا الحديث على وجوه كثيرة، قد أفردتها في جزء على حدة. وأما سياقه، فغريب جدًا، ويقال: إنه جمعه من أحاديث كثيرة، وجعله سياقا واحدا، فأنكر عليه بسبب ذلك. وسمعت شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي يقول: إنه رأى للوليد بن مسلم مصنفا قد جمع فيه كل الشواهد لبعض مفردات هذا الحديث، فالله أعلم.
(٤) رواه الطبري في ((تفسيره)) (٢٤/ ٢٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>