للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله رحمه الله تعالى: (وكذا السماء تشق شقاً ظاهراً وتمور) إلخ، يشير إلى قوله تعالى: إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ [الانشقاق:١] وقوله تعالى: وَانشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ [الحاقة:١٦] وقوله وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ [الفرقان:٢٥] وقوله عز وجل: السَّمَاءُ مُنفَطِرٌ بِهِ [المزمل:١٨] وقوله تعالى: إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ [الانفطار:١] وقوله تعالى: وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ [التكوير:١١] وقوله عز وجل وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ [المرسلات:٩] وقوله تعالى: وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا [النبأ:١٩] وقوله تعالى: يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا [الطور:٩] وقوله عز وجل يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ [المعارج:٨] وقوله فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ [الرحمن:٣٧] وقوله انشَقَّتِ أي: صارت أبواباً لنُزول الملائكة فَكَانَتْ وَرْدَةً عن ابن عباس: (تغير لونها، وعنه قال كالفرس الورد) (١). وقال أبو صالح: كالبرذون الورد. وحكى البغوي وغيره أَنَّ الفرس الورد تكون في الربيع صفراء وفي الشتاء حمراء فإذا اشتد البرد اغبرَّ لونها، فشبَّه السَّمَاءَ في تلونها عند انشقاقها بهذا الفرس في تلونه. كَالدِّهَانِ قال الضحاك ومجاهد وقتادة والربيع: هو جمع دهن، شبّه السماء في تلونها بلون الورد من الخيل، وشبه الوردة في اختلاف ألوانها بالدهن، وقال عطاء بن أبي رباح: كالدهان كعصير الزيت يتلون في الساعة ألواناً، وقال مقاتل: كدهن الورد الصافي، وقال ابن جريج: تصير السماء كالدهن الذائب. وذلك حين يصيبها حر جهنم. وقال ابن عباس والكلبي: كالدهان أي كالأديم الأحمر وجمعه دهنة ودهن. وقال عطاء الخراساني: كلون الدهن في الصفرة، وقال قتادة: هي اليوم خضراء ويومئذٍ لونها إلى الحمرة يوم ذو ألوان، وقال ابن كثير رحمه الله: تذوبُ كما يذوب الدرديُّ والفضّةُ في السبك، وتتلون كما تتلون الأصباغ التي يدهن بها فتارة حمراء وصفراء وزرقاء وخضراء، وذلك من شِدَّةِ الأمر وهو يوم القيامة العظيم. وللإمام أحمد عن أنس بن مالك قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((يبعث الناس يوم القيامة والسماء تطش عليهم)) (٢) قال الجوهري: الطش المطر الضعيف. وقوله تعالى: يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاء مَوْرًا [الطور:٩]. قال ابن عباس وقتادة: تتحرك تحريكاً، وعنه: هو تشققها. وقال مجاهد: تدور دوراً، وقال الضحاك: استدارتها وتحركها لأمر الله وموج بعضها في بعض، وهذا اختيار ابن جرير أَنَّه التحرك في استدارة. وقال عطاء الخراساني: تختلف أجزاؤها بعضها في بعض، وقيل تضطرب، وقال البغوي: تدور كدوران الرحى وتتكفأ بأهلها تكفؤ السفينة. قال: والمور يجمع هذه المعاني كلها: فهو في اللغة الذهاب والمجيء، والتردد والدوران، والاضطراب. وقال تعالى: وَانشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا [الحاقة:١٦ – ١٧] عن علي قال: (تنشق السماء من المجرة) رواه ابن أبي حاتم (٣)،


(١) رواه الطبري في ((تفسيره)) (٢٣/ ٤٩).
(٢) رواه أحمد (٣/ ٢٦٦) (١٣٨٤١)، وأبو يعلى (٧/ ٩٩). قال ابن كثير في ((نهاية البداية والنهاية)) (١/ ٣٠٨): إسناده لا بأس به. قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (١٠/ ٣٣٤): رواه أحمد، وأبو يعلى، وفيه عبدالرحمن بن أبى الصهباء ذكره ابن أبى حاتم ولم يذكر فيه جرحا، وبقية رجاله ثقات. وقال شعيب الأرناؤوط في تحقيقه لـ ((مسند أحمد)): صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن.
(٣) رواه ابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (١٠/ ٣٤١١) ..

<<  <  ج: ص:  >  >>