للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال مسلم رحمه الله تعالى حدَّثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير واتفقا في سياق الحديث إلا ما يزيد أحدهما من الحرف بعد الحرف، قالا حدَّثنا محمد بنُ بِشرٍ حدَّثنا أبو حيان عن أبي زرعة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((أُتي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يوماً بلحم فرفع إليه الذراع وكانت تعجبه فنهس منها نهسة فقال: أنا سيِّد الناس يوم القيامة، وهل تدرون بِمَ ذاك؟ يجمع الله يوم القيامة الأوَّلين والآخرين في صعيدٍ واحدٍ فيُسْمعهم الداعي، وينفذهم البصر وتدنو الشمس فيبلغ الناس من الغمِّ والكرب ما لا يطيقون وما لا يحتملون فيقول بعض الناس لبعض: ألا ترون ما أنتم فيه، ألا ترون ما قد بلغكم، ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربِّكم؟ فيقول بعض الناس لبعض: ائتوا آدم فيأتون آدم فيقولون يا آدم أنت أبو البشر خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأمر الملائكة فسجدوا لك، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه، ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول آدم: إنَّ ربِّي غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإنَّه نهاني عن الشجرة فعصيته، نفسي، نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح. فيأتون نوحاً عليه السلام فيقولون: يا نوح أنت أول الرُّسُل إلى الأرض وسمّاك الله عبداً شكوراً، اشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه، ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم: إنَّ ربِّي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإنَّه قد كانت دعوةٌ دعوتُ بها على قومي، نفسي نفسي، اذهبوا إلى إبراهيم صلى الله عليه وسلم. فيأتون إبراهيم فيقولون أنت نبيُّ الله وخليلُه من أهل الأرض، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه، ألا ترى إلى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم إبراهيم صلى الله عليه وسلم: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وذكر كذباته، نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى. فيأتون موسى عليه السلام فيقولون: يا موسى أنت رسولُ الله فضلك الله برسالاته وبتكليمه على الناس، اشفع لنا إلى ربِّك، ألا ترى ما نحن فيه، ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم موسى عليه السلام: إِنَّ ربِّي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإِنِّي قتلت نفساً لم أؤمر بقتلها، نفسي نفسي، اذهبوا إلى عيسى عليه السلام. فيأتون عيسى فيقولون يا عيسى أنت رسولُ اللهِ وكلَّمت الناس في المهد، وكلمة منه ألقاها إلى مريم وروح منه، فاشفع لنا إلى ربِّك، ألا ترى ما نحن فيه، ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم عيسى عليه السلام: إِنَّ ربِّي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، ولم يذكر له ذنباً، نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم. فيأتوني فيقولون: يا محمد أَنت رسولُ اللهِ وخاتم الأنبياء وغفر اللهُ لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخَّر، اشفع لنا إلى ربِّك، ألا ترى ما نحن فيه، ألا ترى إلى ما قد بلغنا؟ فأَنْطلق فآتي تحت العرش فأقع ساجداً لربِّي، ثم يفتح الله عليَّ ويلهمني من محامده وحسن الثناء عليه شيئاً لم يفتحه لأحد قبلي. ثم قال: يا محمد ارفعْ رأسك سلْ تُعْطه اشفع تشفَّعْ فأَرفع رأسي فأقول: يا ربِّ أُمَّتي أُمَّتي، فيقال: يا محمد أدخل الجنة من أُمَّتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن من أبواب الجنة وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب، والذي نفس محمد بيده إِنَّ ما بين المصراعين من مصاريع الجنة لكما بين مكة وهجر أو كما بين مكة وبُصرى)) (١).


(١) رواه البخاري (١٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>