للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الحديث لا يتم به الاستدلال على ثبوت تلك الشفاعة؛ لأن في سنده راوياً وضاعاً، وهو عبد الله بن إبراهيم الغفاري، يقول عنه الذهبي: (نسبه ابن حبان إلى أنه يضع الحديث، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه، وقال الدارقطني: حديثه منكر) (١).

ومثله كذلك ما عزاه الإمام ابن كثير إلى ابن مردويه عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى: لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ [فاطر: ٣٠] قال: أُجُورَهُمْ: يدخلهم الجنة وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ: الشفاعة لمن صنع إليهم المعروف في الدنيا (٢).

وهذا الحديث لا يتم به الاستدلال، لأن في سنده إسماعيل بن عبد الله الكندي، ذكر الهيثمي في (مجمع الزوائد) أنه ضعفه الذهبي من عند نفسه فقال: (أتى بخبر منكر، وبقية رجاله وثقوا) (٣).

وقال ابن كثير: (هذا إسناد لا يثبت) (٤).

وأورده السيوطي من حديث طويل عن أبي هريرة وابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم جاء فيه: ((ومن بنى على ظهر طريق يهوي إليه عابروا السبيل بعثه الله يوم القيامة على نجيبة من در، ووجهه يضيء لأهل الجمع حتى يقول أهل الجمع: هذا ملك من الملائكة لم ير مثله, حتى يزاحم إبراهيم في قبته، ويدخل في الجنة بشفاعته أربعون ألف رجل)).

وفيه كذلك: ((ومن احتفر بئراً حتى يبسط ماؤها فيبذلها للمسلمين كان له أجر من توضأ منها وصلى، وله بعدد شعر كل من شرب منها حسنات: إنس، أو جن، أو بهيمة، أو سبع، أو طائر، أو غير ذلك، وله بكل شعرة من ذلك عتق رقبة، ويرد في شفاعته يوم القيامة حوض القدس عدد نجوم السماء. قيل: يا رسول الله، وما حوض القدس؟ قال: حوضي، حوضي، حوضي)) (٥).

قال ابن حجر: (هذا الحديث بطوله موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمتهم به ميسرة بن عبد ربه، لا بورك فيه) (٦). الحياة الآخرة لغالب عواجي- ١/ ٤٣٣


(١) ((المجروحين)) (٢/ ٣٦ - ٣٧)، و ((ميزان الاعتدال)) (٢/ ٣٨٨).
(٢) انظر: ((تفسير ابن كثير)) (١/ ٥٩١).
(٣) ((مجمع الزوائد)) (٧/ ١٣).
(٤) ((تفسير ابن كثير)) (١/ ٥٩٢).
(٥) ((اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة)) (٢/ ٣٧٠).
(٦) ((المطالب العالية)) (٣/ ١٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>