للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرج الإمام ابن ماجه بسنده إلى عبد الله بن بسر أنه قال: قال النبي صلى الله عليه سلم: ((طوبى لمن وجد في صحيفته استغفاراً كثيراً)) (١).

وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يؤتى يوم القيامة بصحف مختمة، فتنصب بين يدي الله تبارك وتعالى، فيقول تبارك وتعالى، ألقوا هذه واقبلوا هذه، فتقول الملائكة، وعزتك ما رأينا إلا خيراً، فيقول الله عز وجل إن هذا كان لغير وجهي، وإني لا أقبل اليوم إلا ما ابتغي به وجهي)) وفي رواية: ((فتقول الملائكة: وعزتك ما كتبنا إلا ما عمل، قال: صدقتم إن عمله كان لغير وجهي)) (٢).

وثبت في صحيح مسلم – بمعنى هذا الحديث – عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه)) (٣)

وأخرج العقيلي عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الكتب كلها تحت العرش، فإذا كان يوم القيامة يبعث الله ريحاً فتطيرها بالأيمان والشمائل، أول خط فيها: اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ اليوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا [الإسراء: ١٤])) (٤).

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ((قلت: يا رسول الله، هل يذكر الحبيب حبيبه يوم القيامة؟ قال: يا عائشة، أما عند ثلاث فلا، أما عند الميزان حتى يثقل أو يخف فلا، وأما عند تطاير الكتب فإما أن يعطى بيمينه, أو يعطى بشماله فلا، وحين يخرج عنق من النار، فينطوي عليهم, ويتغيظ عليهم، ويقول ذلك العنق: وكلت بثلاثة، وكلت بثلاثة، وكلت بمن ادعى مع الله إلهاً آخر، ووكلت بمن لا يؤمن بيوم الحساب، ووكلت بكل جبار عنيد, قال: فينطوي عليهم، ويرمي بهم في غمرات جهنم، ولجهنم جسر، أدق من الشعرة, وأحد من السيف، عليه كلاليب وحسك، يأخذون من شاء الله، والناس عليه كالطراف)) إلخ الحديث (٥).

وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن إسماعيل ثنا عامر، وحدثنا محمد بن عبيد ثنا إسماعيل بن أبي خالد عن رجل عن الشعبي قال: مر عمر بطلحة (فذكر معناه) قال: مر عمر بطلحة فرآه مهتماً، قال: لعلك ساءك إمارة ابن عمك – قال يعني أبا بكر رضي الله عنه _ فقال: لا، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إني لأعلم كلمة لا يقولها الرجل عند موته إلا كانت نوراً في صحيفته، أو وجد لها روحاً عند الموت، قال عمر: أنا أخبرك بها، هي الكلمة التي أراد بها عمه: شهادة أن لا إله إلا الله، قال: فكأنما كشف عني غطاء، قال: لو علم كلمة هي أفضل منها لأمره بها)) (٦).

وذكر ابن كثير – وعزاه إلى ابن أبي الدنيا – عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (يدني الله العبد يوم القيامة، فيضع كنفه ليستره من الخلائق كلها، ويدفع إليه كتابه في ذلك الستر، فيقول: اقرأ يا ابن آدم كتابك، فيمر بالحسنة فيبيض لها وجهه, ويسر بها قلبه، قال: فيقول الله تعالى: أتعرف يا عبدي؟ فيقول: يا رب أعرف، فيقول: إني قد تقبلتها منك، فيخر ساجداً، فيقول: ارفع رأسك, وخذ في كتابك، فيمر بالسيئة فيسود لها وجهه، ويوجل منها قلبه، وترعد منها فرائصه، ويأخذه من الحياء من ربه ما لا يعلمه غيره، فيقول الله: أتعرف يا عبدي؟ فيقول: نعم يارب أعرف، فيقول: فإني قد غفرتها لك.

فلا يزال بين حسنة تقبل وسيئة تغفر فيسجد، لا يرى الخلائق منه إلا ذلك السجود، حتى ينادي الخلائق بعضها بعضا: طوبى لهذا العبد الذي لم يعص الله قط، ولا يدرون ما لقي فيما بينه وبين الله تعالى مما قد وقفه عليه) (٧) الحياة الآخرة لغالب عواجي- ٢/ ٨٦٥


(١) رواه ابن ماجه (٣٠٩٣)، والبزار (٨/ ٤٣٣) (٣٥٠٨)، والنسائى في ((السنن الكبرى)) (٦/ ١١٨) (١٠٢٨٩)، والبيهقي فى ((شعب الإيمان)) (١/ ٤٤٠) (٦٤٧)، والضياء (٩/ ٩٥) (٧٩)، والمنذري في ((الترغيب والترهيب)) (٢/ ٣٨٤). وقال: إسناده صحيح، وقال البوصيري في ((زوائد ابن ماجه)) (٢/ ٢٤٧): هذا إسناد صحيح رجاله ثقات، وقال ابن حجر في ((الأمالي المطلقة)) (٢٤٩): حسن وله شاهد.
(٢) رواه الطبراني في ((المعجم الأوسط)) (٣/ ٩٧) (٢٦٠٣)، والمنذري في ((الترغيب والترهيب)) (١/ ٥٧). وقال: [روي] بإسنادين رواة أحدهما رواة الصحيح، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (١٠/ ٣٥٣): [روي] بإسنادين ورجال أحدهما رجال الصحيح.
(٣) رواه مسلم (٢٩٨٥).
(٤) رواه العقيلي في ((الضعفاء)) (٤/ ٤٦٦) وقال: منكر.
(٥) رواه أحمد (٦/ ١١٠) (٢٤٨٣٧). قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (١٠/ ٣٦١): فيه ابن لهيعة وهو ضعيف وقد وثق وبقية رجاله رجال الصحيح.
(٦) رواه أحمد (١/ ٣٧) (٢٥٢). قال شعيب الأرناؤوط في تحقيقه: صحيح بطرقه.
(٧) ذكره ابن كثير في ((النهاية)) (٢/ ١٣٥) وعزاه إلى ابن أبي الدنيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>