للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويعزى هذا القول إلى ابن مسعود، وحذيفة بن اليمان، وابن عباس، والشعبي، والضحاك، وسعيد بن جبير، فمما يعزى إلى حذيفة بالسند، ما أخرجه الطبري عن الشعبي أنه قال: أرسل إلي عبد الحميد بن عبد الرحمن، وعنده أبو الزناد، وعبد الله بن ذكوان مولى قريش، وإذا هما قد ذكرا من أصحاب الأعراف ذكراً ليس كما ذكر.

فقلت لهما: إن شئتما أنبأتكما بما ذكر حذيفة، فقالا: هات، فقلت: إن حذيفة ذكر أصحاب الأعراف فقال: هم قوم تجاوزت بهم حسناتهم النار وقصرت بهم سيئاتهم عن الجنة، فإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار، قالوا: ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين، فبيانهم كذلك اطلع إليهم ربك تبارك وتعالى فقال: اذهبوا وادخلوا الجنة؛ فإني قد غفرت لكم.

وفي رواية أخرى للشعبي عن حذيفة أنه سئل عن أصحاب الأعراف، قال: فقال: هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فقصرت بهم سيئاتهم عن الجنة، وخلفت بهم حسناتهم عن النار، قال: فوقفوا هناك على السور حتى يقضي الله فيهم.

وعن عامر عن حذيفة قال: أصحاب الأعراف قوم كانت لهم ذنوب وحسنات، فقصرت ذنوبهم عن الجنة وتجاوزت بهم حسناتهم عن النار، فهم كذلك حتى يقضي الله بين خلقه فينفذ فيهم أمره، وفيه روايات أخرى عن حذيفة وهي بمعنى ما سبق.

ومما يعزى إلى ابن مسعود، ما أخرجه الطبري عن سعيد بن جبير عن ابن مسعود، قال: (يحاسب الناس يوم القيامة، فمن كانت حسناته أكثر من سيئاته بواحدة دخل الجنة، ومن كانت سيئاته أكثر من حسناته بواحدة دخل النار، ثم قرأ قول الله: وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُم [الأعراف: ٨ - ٩].

ثم قال: إن الميزان يخف بمثقال حبة ويرجح، قال: فمن استوت حسناته وسيئاته كان من أصحاب الأعراف، فوقفوا على الصراط، ثم عرفوا أهل الجنة وأهل النار، فإذا نظروا إلى أهل الجنة نادوا: سلام عليكم، وإذا صرفوا أبصارهم إلى يسارهم ونظروا إلى أصحاب النار، قالوا: ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين، فيتعوذون بالله من منازلهم.

قال فأما أصحاب الحسنات فإنهم يعطون نوراً فيمشون به بين أيديهم وبأيمانهم، ويعطى كل عبد يومئذ نوراً، وكل أمة نوراً، فإذا أتوا على الصراط سلب الله نور كل منافق ومنافقة، فلما رأى أهل الجنة ما لقي المنافقون قالوا: رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا [التحريم: ٨]، وأما أصحاب الأعراف فإن النور كان في أيديهم فلم ينزع من أيديهم، فهنالك يقول الله: لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ، فكان الطمع دخولاً، قال: فقال ابن مسعود: على أن العبد إذا عمل حسنة كتب له بها عشراً، وإذا عمل سيئة لم تكتب إلا واحدة، ثم يقول: هلك من غلب وحداته أعشاره) (١).

وينسب هذا الرأي أيضاً إلى ابن عباس، فإنه كان يقول: إن أصحاب الأعراف قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، وهذا ما ينص عليه الطبري بسنده إلى ابن عباس أنه قال: (أصحاب الأعراف قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، فلم تزد حسناتهم على سيئاتهم، ولا سيئاتهم على حسناتهم) (٢).

ويذكر قتادة عن ابن عباس أنه كان يقول: (الأعراف بين الجنة والنار، حبس عليه أقوام بأعمالهم)، وكان يقول: (قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، فلم تزد حسناتهم على سيئاتهم، ولا سيئاتهم على حسناتهم) (٣).

١٤ - هم مؤمنو الجن.

١٥ - هم قوم كانت عليهم ديون.


(١) ((جامع البيان)) (٨/ ١٩١)، وانظر: (فتح القدير)) (٢/ ١٩٨).
(٢) ((جامع البيان)) (٨/ ١٩١).
(٣) ((جامع البيان)) (٨/ ١٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>