للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أورد القرطبي في (التذكرة) بعض الأحاديث التي سقناها ثم قال: قال علماؤنا رحمة الله عليهم أجمعين: فكل من ارتد عن دين الله أو أحدث فيه ما لا يرضاه الله، ولم يأذن به الله فهو من المطرودين عن الحوض، المبعدين عنه، وأشدهم طرداً من خالف جماعة المسلمين وفارق سبيلهم كالخوارج على اختلاف فرقها، والروافض على تباين ضلالها، والمعتزلة على أصناف أهوائها، فهؤلاء كلهم مبدلون. وكذلك الظلمة المسرفون في الجور وتطميس الحق وقتل أهله وإذلالهم والمعلنون بالكبائر المستخفون بالمعاصي وجماعة أهل الزيغ والأهواء والبدع. ثم البعد قد يكون في حال، ويقربون بعد المغفرة إن كان التبديل في الأعمال، ولم يكن في العقائد، وعلى هذا يكون نور الوضوء يعرفون به، ثم يقال لهم: سحقاً، وإن كانوا من المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يُظهرون الإيمان ويسرون الكفر فيأخذهم بالظاهر، ثم يكشف لهم الغطاء فيقال لهم: سحقاً سحقاً، ولا يخلد في النار إلا كل جاحد مبطل، ليس في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان. القيامة الكبرى لعمر بن سليمان الأشقر - ص ٢٦٢

وقال الجلال السيوطي في كتابه (البدور السافرة) (١): (قد ورد ذكر الحوض من رواية بضع وخمسين صحابياً منهم الخلفاء الأربعة، وأبي بن كعب، وأنس، والبراء بن عازب، وجابر، وأبي هريرة، وعائشة، وأم سلمة). وذكر بقيتهم.

قال في (التذكرة) (٢): (ذهب صاحب (القوت) إلى أن الحوض بعد الصراط والصحيح أنه قبله). وهكذا قال الغزالي: (ذهب بعض السلف إلى أن الحوض يورد بعد الصراط وهو غلط من قائله). قال القرطبي: (والمعنى يقتضي تقديم الحوض على الصراط, فإن الناس يخرجون عطاشاً من قبورهم كما تقدم فناسب تقديمه).

قال ابن عباس رضي الله عنهما: ((سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوقوف بين يدي رب العالمين: هل فيه ماء؟ قال: إي والذي نفسي بيده إن فيه لماء، وإن أولياء الله ليردون إلى حياض الأنبياء عليهم السلام)) (٣).

وأخرج الشيخان عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((حوضي مسيرة شهر ماؤه أبيض من اللبن، وريحه أطيب من المسك، وكيزانه كنجوم السماء، من شرب منه لا يظمأ أبداً)) (٤) وفي رواية: ((حوضي مسيرة شهر، وزواياه سواء، وماؤه أبيض من الورق)) (٥). وهي عندهما أيضاً.


(١) ((البدور السافرة)) (ص: ٢١٥).
(٢) (١/ ٤٥٧).
(٣) أورده ابن كثير في تفسيره (٣/ ٢٣٨) وعزاه لابن مردويه، وقال: هذا حديث غريب، وقال الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (٤/ ١١٩) بعد أن عزاه لابن أبي الدنيا: [فيه] الزبير بن شبيب ومحصن بن عقبة لم أجد من ترجمهما.
(٤) رواه البخاري (٦٥٧٩)، ومسلم (٢٢٩٢).
(٥) رواه مسلم (٢٢٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>