للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما: (هي الجنة التي يأوي إليها جبريل والملائكة). وقال مقاتل: (هي جنة تأوي إليها أرواح الشهداء). وقال كعب: (جنة المأوى جنة فيها طير خضر ترعى فيها أرواح الشهداء).

وقالت عائشة رضي الله عنها: (هي جنة من الجنات).

قال المحقق: (والصحيح أنه اسم من أسماء الجنة).

السادس: جنات عدن قيل: هو اسم لجنة من جملة الجنات.

قال المحقق: (والصحيح أنه اسم لجملة الجنات، فكلها جنات عدن).

قال تعالى: جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ [مريم: ٦١] وقال: جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا [فاطر: ٣٣] وقال تعالى: وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ [الصف: ١٢].

والاشتقاق يدل على أن جميعها جنات عدن، فإنه من الإقامة والدوام. يقال عدن بالمكان: إذا أقام به، وعدنت البلد: توطنته، وعدنت الإبل بمكان كذا: لزمته فلم تبرح منه.

قال الجوهري: (ومنه جنات عدن أي: جنات إقامة. وثم قول بأن جنة عدن اسم لموضع من الجنة مخصوص) (١).

وهو جنة من جملة الجنان، ... ولا مانع من كونه اسم لموضع مخصوص، ويطلق على الكل أنه عدن أي: أقام, وخلد, واستمر، وأما أنه جنة مخصوصة من جملة الجنان فهذا أظهر من الشمس الصابحة لورود الأحاديث الثابتة بذلك، ...

ما أخرج الطبراني في المعجم عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ينزل الله تعالى في آخر ثلاث ساعات يبقين من الليل، فينظر الله في الساعة الأولى منهن في الكتاب الذي لا ينظر فيه غيره، فيمحو ما يشاء ويثبت، ثم ينظر في الثانية في جنة عدن وهي مسكنه الذي يسكن لا يكون معه فيها أحد إلا الأنبياء, والشهداء, والصديقون، وفيها ما لم يره أحد, ولا خطر على قلب بشر, ثم يهبط آخر ساعة من الليل فيقول: ألا مستغفر يستغفرني فأغفر له؟ ألا سائل يسألني فأعطيه؟ ألا داع يدعوني فأستجيب له؟ حتى يطلع الفجر)) (٢). قال تعالى: وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا [الإسراء: ٧٨] فيشهده الله.

وأخرج الدارمي عن ابن عمر موقوفاً: (خلق الله أربعة أشياء بيده: العرش، والقلم، وعدن، وآدم ثم قال لسائر الخلق: كن فكان) (٣).

وأخرج الدارمي عن ميسرة: (إن الله لم يمس شيئاً من خلقه بيده غير ثلاث: خلق آدم بيده، وكتب التوراة بيده، وغرس جنة عدن بيده) (٤).

وأخرج عن كعب قال: (لم يخلق الله بيده غير ثلاث: خلق آدم بيده، وكتب التوراة بيده، وغرس جنة عدن بيده، ثم قال لها: تكلمي. قالت: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ [المؤمنون: ١]) (٥).

وذكر الحاكم عن مجاهد: (أن الله تعالى غرس جنات عدن بيده فلما تكاملت أغلقت فهي تفتح كل سحر، فينظر الله إليها فيقول: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) (٦).


(١) ((حادي الأرواح)) (ص: ١٣٨ - ١٤٣).
(٢) رواه الطبراني في ((المعجم الأوسط)) (٨/ ٢٧٩) (٨٦٣٥). قال الذهبي في ((ميزان الاعتدال)) (٢/ ٩٨): ألفاظ منكرة لم يأت بها غير زيادة بن محمد الأنصاري. وقد انفرد بحديث الرقية: ربنا الله الذي في السماء، قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (١٠/ ١٥٧): فيه زيادة بن محمد الأنصاري وهو منكر الحديث.
(٣) رواه الدارمي في ((نقضه على المريسي الجهمي العنيد فيما افترى على الله عز وجل من التوحيد)) (١/ ٢٦١)، والذهبي في ((العلو)) (٨٢) وقال: إسناده جيد، وقال الألباني في ((مختصر العلو)) (٥٣): إسناده صحيح على شرط مسلم.
(٤) رواه الدارمي في نقضه (١/ ٢٦٣).
(٥) رواه الدارمي في نقضه (١/ ٢٦٥).
(٦) أبو نعيم في ((صفة الجنة)) (١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>