قال القرطبي: أجمع علماء أهل السنة على أن أهل النار مخلدون فيها غير خارجين منها, كإبليس وفرعون, وهامان, وقارون, وكل من كفر وتكبر, وطغى وتجبر, فإن له نار جهنم لا يموت فيها ولا يحيى، وقد وعدهم الله عذاباً أليماً فقال عز وجل: كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ وأجمع أهل السنة أيضاً على أنه لا يبقى فيها مؤمن, ولا يخلد فيها إلا كافر جاحد. فاعلمه.
وقد زل هنا بعض من ينتمي إلى العلم والعلماء: فقال إنه يخرج من النار كل كافر, ومبطل, وشيطان, وجاحد ويدخل الجنة, وإنه جائز في العقل أن تنقطع صفة الغضب، فيعكس عليه فيقال: وكذلك جائز في العقل: أن تنقطع صفة الرحمة, فيلزم عليه أن تدخل الأنبياء والأولياء النار يعذبون فيها، وهذا فاسد مردود بوعده الحق وقوله الصدق قال تعالى في حق أهل الجنان عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ [هود: ١٠٨] أي غير مقطوع وقال: وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ [الحجر: ٤٨] وقال: لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ [الانشقاق: ٢٥] وقال: لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا [التوبة: ٢١ - ٢٢] وقال في حق الكافرين: لَا يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الجَمَلُ فِي سَمِّ الخِيَاطِ [الأعراف: ٤٠] وقال فَاليَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ [الجاثية: ٣٥] وهذا واضح.
وبالجملة فلا مدخل للعقول فيمن اقتطع أصله بالإجماع والنقول. ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور، انتهى. يقظة أولى الاعتبار مما ورد في ذكر النار وأصحاب النار لصديق حسن خان– ص: ١٧