والمنافي لهذا التوحيد هو الشرك بالله تعالى، وهو صور كثيرة واقعة في حياة الناس اليوم لأسباب كثيرة، منها قلة الدعاة إلى توحيد الله تعالى بالعبادة والطاعة، ومنها إعراض الناس عن تعلم أحكام الدين اشتغالا منهم بالدنيا والشهوات، ومنها الجهل المتفشي في كثير من أقطار المسلمين وخاصة الجهل بالدين الصحيح، وإلا، فعلم الضلالة والبدع منتشر وله مؤسسات وهيئات تقوم عليه وترعاه وتنشره بين المسلمين.
والذي يهمنا من هذه الأسباب الجهل الذي أدى بالناس إلى التفريط في حق خالقهم عليهم، فوقعوا في المخالفات التي تنافي توحيد الألوهية بالكلية أو تنافي بعض تفاصيل هذا التوحيد. فما هي حدود العذر بالجهل فيما يتعلق بتوحيد الألوهية؟.
الحكم في هذه المسألة ينبني على جملة من القواعد:
١ - تحديد أبرز الصور التي تنافي توحيد الألوهية.
٢ - إذا قلنا: إنه لا تكفير ولا عقاب إلا بعد قيام الحجة، فلابد من تحديد مناط قيام الحجة في هذه المسألة ونحن نحاول تطبيق هذه القاعدة على الواقع.
٣ - تحديد دائرة ما يعذر به في هذه المسألة وما لا يعذر.
تحديد أبرز الصور التي تنافي توحيد الألوهية:
- عدم إفراد الله تعالى بالعبادة، كمن أظهر الإيمان نفاقاً أو صلى أو ذبح لغير الله أو دعا أو استغاث بغيره، أو أطاع مخلوقاً في تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل، ومنهم أهل الكتاب والمشركون الذين اتخذوا من دون الله أولياء من الأنبياء أو غيرهم، وعبدوهم زاعمين أنهم يقربونهم إلى الله زلفى، ومن هؤلاء أيضا غلاة القبوريين المنتسبون للإسلام ممن يستغيثون بالأموات ويطلبون منهم قضاء الحاجات ويتقربون إليهم بالذبح، ثم يزعمون أنهم إنما يفعلون ذلك معهم ليقربوهم إلى الله زلفى.
- الاعتراض والكراهية لما أنزل الله بعضه أو كله، وهذا مما وقعت فيه الأمة كليا أو جزئيا، فوقع فيها الاعتراض على توحيد المعرفة والإثبات، والاعتراض على الأمر الشرعي بالتحليل والتحريم، والاعتراض على أمره الكوني. فاعترض كثير منهم على صفاته وشريعته وقضائه وقدره (١). الجهل بمسائل الاعتقاد وحكمه لعبد الرزاق بن طاهر بن أحمد– ص: ٣٧٨