٢ - وفي رواية أنس رضي الله تعالى عنه، عند أحمد وابن منده أن هؤلاء الجهنميين كانوا يعبدون الله ولا يشركون به شيئاً في الدنيا. قال الإمام أحمد: حدثنا يونس حدثنا ليث عن يزيد – يعني ابن الهاد – عن عمرو بن أبي عمرو عن أنس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إني لأول الناس تنشق الأرض عن جمجمتي يوم القيامة ولا فخر، وأعطى لواء الحمد ولا فخر، وأنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول من يدخل الجنة يوم القيامة ولا فخر، وإني آتي باب الجنة فآخذ بحلقتها، فيقولون: من هذا؟ فأقول: أنا محمد، فيفتحون لي فأدخل، فإذا الجبار عز وجل مستقبلي فأسجد له، فيقول: ارفع رأسك يا محمد، وتكلم يسمع منك، وقل يقبل منك، واشفع تشفع، فأرفع رأسي فأقول: أمتي أمتي يا رب. فيقول: اذهب إلى أمتك فمن وجدت في قلبه مثقال حبة من شعير من الإيمان فأدخله الجنة. فأقبل فمن وجدت في قلبه ذلك فأدخله الجنة، فإذا الجبار عز وجل مستقبلي فأسجد له، فيقول: ارفع رأسك يا محمد، وتكلم يسمع منك، وقل يقبل منك، واشفع تشفع. فأرفع رأسي فأقول: أمتي أمتي أي رب. فيقول: اذهب إلى أمتك فمن وجدت في قلبه نصف حبة من شعير من الإيمان فأدخلهم الجنة. فأذهب فمن وجدت في قلبه مثقال ذلك أدخلهم الجنة، فإذا الجبار عز وجل مستقبلي فأسجد له، فيقول: ارفع رأسك يا محمد، وتكلم يسمع منك، وقل يقبل منك، واشفع تشفع. فأرفع رأسي فأقول: أمتي أمتي، فيقول: اذهب إلى أمتك فمن وجدت في قلبه مثقال حبة من خردل من الإيمان فأدخله الجنة، فأذهب فمن وجدت في قلبه مثقال ذلك أدخلتهم الجنة.
وفرغ الله من حساب الناس وأدخل من بقي من أمتي النار مع أهل النار. فيقول أهل النار: ما أغنى عنكم أنكم كنتم تعبدون الله عز وجل لا تشركون به شيئاً. فيقول الجبار عز وجل: فبعزتي لأعتقنهم من النار. فيرسل إليهم فيخرجون وقد امتحشوا فيدخلون في نهر الحياة، فينبتون فيه كما تنبت الحبة في غثاء السيل، ويكتب بين أعينهم: هؤلاء عتقاء الله عز وجل، فيذهب بهم فيدخلون الجنة، فيقول لهم أهل الجنة: هؤلاء الجهنميون. فيقول الجبار: بل هؤلاء عتقاء الجبار عز وجل)) (١).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:(ووقع في رواية عمرو بن أبي عمرو عن أنس عند النسائي ذكر سبب آخر لإخراج الموحدين من النار ولفظه: ((وفرغ من حساب الناس وأدخل من بقي من أمتي النار مع أهل النار، فيقول أهل النار: ما أغنى عنكم أنكم كنتم تعبدون الله لا تشركون به شيئاً. فيقول الجبار: فبعزتي لأعتقنهم من النار فيرسل إليهم فيخرجون)). وفي حديث أبي موسى عند ابن أبي عاصم والبزار رفعه: ((وإذا اجتمع أهل النار في النار ومعهم من شاء الله من أهل القبلة يقول لهم الكفار: ألم تكونوا مسلمين؟ قالوا بلى. قالوا: فما أغنى عنكم إسلامكم وقد صرتم معنا في النار؟
(١) رواه أحمد (٣/ ١٤٤) (١٢٤٩١) والدارمي في سننه (١/ ٤١) (٥٢) وابن منده في ((الإيمان)) (٢/ ٨٤٦) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه. قال ابن منده: هذا حديث صحيح مشهور, وقال الألباني ((السلسلة الصحيحة)) (٤/ ١٠٠): إسناده جيد ورجاله رجال الصحيح.