للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال تعالى: يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ [الروم: ٧].

وقال لرسوله صلى الله عليه وسلم: وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ [الأعراف: ٢٠٥].

فالغفلة - وهي: سهو يعتري من قلة التحفظ والتيقظ (١) - داء خطير إذا اعترى الإنسان وتمكن منه لم يشتغل بطاعة الله وذكره وعبادته، بل يشتغل بالأمور الملهية المبعدة عن ذكر الله، وإن عمل أعمالا في طاعته تأتي منه على حال سيئة ووضع غير حسن فتكون أعماله عارية من الخشوع والخضوع والإنابة والخشية والطمأنينة والصدق والإخلاص، فهذه بعض آثار الغفلة السيئة على الإيمان.

أما الإعراض، فقد أخبر الله في القرآن الكريم أن له آثارا سيئة كثيرة وعواقب ونتائج وخيمة:

منها: أن الله وصف المعرض بأنه لا أحد أظلم منه، ووصفه بأنه من المجرمين كما في قوله تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ [السجدة: ٢٢].

ومنها: إخبار الله أن المعرض يجعل الله على قلبه أكنةً وأقفالاً فلا يفقه ولا يهتدي أبداً كما في قوله: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَن يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا [الكهف: ٥٧].

ومنها: أن إعراضه يسبب له عيشة الضنك والضيق دنيا وآخرة، كما في قوله: وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى [طه: ١٢٤].

ومنها: أن المعرض عن ذكر الله يقيض له القرناء من الشياطين فيفسدون عليه دينه، كما في قوله: وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ [الزخرف: ٣٦].

ومنها: إخبار الله بأن المعرض يحمل يوم القيامة وزراً، وأنه يسلك العذاب الصعد كما في قوله: كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْرًا مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا [طه: ٩٩ - ١٠٠].

وقوله: لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا [الجن: ١٧].

وغيرها من الآيات التي يخبر فيها سبحانه وتعالى عن أخطار الإعراض وأضراره، والتي من أخطرها وأشنعها أنه مانع من الإيمان وحائل دونه لمن لم يؤمن، وموهن ومضعف لإيمان من آمن، وبحسب إعراض الإنسان يكن له نصيب من هذه النتائج والأخطار.

وأما النسيان - وهو: ترك الإنسان ضبط ما استودع، إما لضعف قلبه، وإما عن غفلة، وإما عن قصد حتى يرتفع عن القلب ذكره (٢) - فله أثر بالغ في الإيمان، فهو سبب من أسباب ضعفه، وبوجوده تقل الطاعات، وتكثر المعاصي.

والنسيان الذي جاء ذكره في القرآن الكريم على نوعين: نوع: لا يعذر فيه الإنسان وهو ما كان أصله عن تعمد منه، مثل قوله: وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [الحشر: ١٩].


(١) ((بصائر ذوي التمييز)) للفيروزآبادي (٤/ ١٤٠).
(٢) ((بصائر ذوي التمييز)) للفيروزآبادي (٥/ ٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>