للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن عبد الله بن شقيق العقيلي قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة. (١)

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة. (٢)

قال الشوكاني معلقاً على أثر عبد الله بن شقيق (والظاهر من الصيغة أن هذه المقالة اجتمع عليها الصحابة؛ لأن قوله: (كان أصحاب رسول الله) جمع مضاف، وهو من المشعرات بذلك) (٣).

وقال إسحاق بن راهويه: (قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تارك الصلاة عمداً كافر، وكذلك كان رأي أهل العلم من لدن النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا أن تارك الصلاة عمداً من غير عذر حتى يذهب وقتها كافر) (٤).

(ب) أدلة الفريق الآخر:-

واستدل القائلون بعدم تكفير تارك الصلاة بجملة من الأدلة، نذكرها على النحو التالي:-

١ - قوله تعالى: إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء [النساء: ٤٨].

٢ - وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: - سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: - ((خمس صلوات افترضهن الله، من أحسن وضوءهن وصلاهن لوقتهن، وأتم ركوعهن وخشوعهن كان له على الله عهد أن يغفر له ومن لم يفعل فليس له على الله عهد، إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه)). وفي رواية: ((فمن حافظ عليهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يحافظ عليهن .. )) الحديث (٥)

وهذا الدليل أجود ما اعتمدوا – كما يقول ابن تيمية (٦).

قال الطحاوي: دل أنه لم يخرج بذلك عن الإسلام فيجعله مرتداً مشركاً؛ لأن الله تعالى لا يدخل الجنة من أشرك به لقوله تعالى: إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ [المائدة، آية ٧٣]، ولا يغفر له لقوله تعالى إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء [النساء، آية ٤٨]. (٧)

وقال ابن عبد البر عن هذا الحديث: - (وفيه دليل على أن من لم يصل من المسلمين في مشيئة الله، إذا كان موحداً مؤمناً بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم مقراً، وإن لم يعمل) (٨).


(١) رواه الترمذي (٢٦٢٢). قال النووي في ((الخلاصة)) (١/ ٢٤٥) والعراقي في ((طرح التثريب)) (٢/ ١٤٦)، والسخاوي في ((الأجوبة المرضية)) (٢/ ٨١٩) والألباني في ((مشكاة المصابيح)) (٥٥١): إسناده صحيح.
(٢) رواه الحاكم (١/ ٤٨). قال الذهبي في ((التلخيص)): لم يتكلم عليه - أي: الحاكم - وإسناده صالح.
(٣) ((نيل الأوطار)) (٢/ ١٦).
(٤) ((تعظيم قدر الصلاة)) لمحمد بن نصر (٢/ ٩٣٠)، وانظر: ((التمهيد)) لابن عبد البر (٤/ ٢٢٦).
(٥) رواه أبو داود (٤٢٥)، (١٤٢٠)، والنسائي (١/ ٢٣٠)، وأحمد (٥/ ٣١٩) (٢٢٧٤٥)، والحديث سكت عنه أبو داود، وقال ابن عبد البر في ((التمهيد)) (٢٣/ ٢٨٨): صحيح ثابت. وقال ابن العربي في ((عارضة الحوذي)) (١/ ٤٧٧) والنووي في ((المجموع)) (٣/ ١٧)، (٤/ ٢٠) وابن الملقن في ((البدر المنير)) (٥/ ٣٨٩)، والسخاوي في ((الأجوبة المرضية)) (٢/ ٨١٩): صحيح. وقال الذهبي في ((المهذب)) (٨/ ٤٢٢٩): إسناده صالح. وقال ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (١/ ٩١)، والعراقي في ((طرح التثريب)) (٢/ ١٤٨): إسناده صحيح. وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)): صحيح. وقال في ((السلسلة الصحيحة)) (٨٤٢): صحيح بمجموع طرقه.
(٦) انظر: ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (٧/ ٦١٤).
(٧) ((مشكل الآثار)) (٤/ ٢٢٦).
(٨) ((التمهيد)) (٢٣/ ٢٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>