ويقول صاحب (معارج القبول): (ولا نكفر بالمعاصي التي قدمنا ذكرها وأنها لا توجب كفراً، والمراد بها الكبائر التي ليست بشرك، ولا تستلزمه ولا تنافي اعتقاد القلب ولا عمله، (مؤمناً) مقراً بتحريمها معتقداً له، مؤمناً بالحدود المترتبة عليها، ولكن نقول: يفسق بفعلها، ويُقام عليه الحد بارتكابها، وينقص إيمانه بقدر ما تجرأ عليه منها ...
(إلا مع استحلاله لما جنى) ... وهو أن عامل الكبيرة يكفر باستحلاله إياها، بل يكفر بمجرد اعتقاده بتحليل ما حرم الله ورسوله ولو لم يعمل به، لأنه حيئنذٍ يكون مكذباً بالكتاب ومكذباً بالرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك كفر بالكتاب والسنة والإجماع، فمن جحد أمراً مجمعاً عليه معلوماً من الدين بالضرورة فلا شك في كفره) اهـ (١).
وإذا علمنا أن الذنوب والمعاصي عند أهل السنة والجماعة تؤثر في الإيمان من حيث زيادته ونقصه لا من حيث بقاؤه وذهابه – إلا أن يُصاحب ذلك ما يقدح في أصله من استحلال لهذه المعاصي، وأن هذا الاستحلال قد يكون بسقوط قول القلب والتكذيب جحوداً أو عناداً، وقد يكون بسقوط عمل القلب والاستكبار استخفافاً أو استهزاءً، أو غير ذلك من أسباب – فما هو حكم عصاة الموحدين ومآلهم في الآخرة؟ وهل كل من مات على معصية يدخل النار بها؟ وإذا دخلها فكيف يخرج منها؟ وما هي عقيدة أهل السنة والجماعة في ذلك؟ حقيقة الإيمان عند أهل السنة والجماعة لمحمد عبدالهادي المصري – ص: ١٤٦