للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من تأمل كلام أهل السنة في هذه المسألة يتضح له تحفظهم من إطلاق التكفير إلا إذا قامت الحجة على المعين ويفهم من ذلك بداهة أنه إذا قامت الحجة على المعين وأصر على عمل الكفر فإنه يحكم بكفره ويستتاب فإن تاب وإلا قتل انظر قول شيخ الإسلام رحمه الله: (إذا عرف هذا فتكفير (المعين) من هؤلاء الجهال وأمثالهم بحيث يحكم عليه بأنه من الكفار - لا يجوز الإقدام عليه إلا بعد أن تقوم على أحدهم الحجة الرسالية، التي يتبين بها أنهم مخالفون للرسل، وإن كانت هذه المقالة لا ريب أنها كفر، وهكذا الكلام في تكفير جميع (المعينين) مع أن بعض هذه البدع أشد من بعض وبعض المبتدعة يكون فيه من الإيمان ما ليس في بعض، فليس لأحد أن يكفر أحداً من المسلمين، وإن أخطأ وغلط حتى تقام عليه الحجة، وتبين له المحجة ومن ثبت إيمانه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك، بل لا يزال إلا بعد إقامة الحجة، وإزالة الشبهة) (١).

إذاً إذا قامت الحجة وزالت الشبهة وتيقنا من إصراره وتكذيبه فلابد من تكفيره وهذا أمر معروف ومجمع عليه لدى علماء الأمة قاطبة.

ولذلك ذكر الفقهاء في كتبهم (كتاب المرتد) وذكروا فيه الأحكام المترتبة على من ارتد عن دينه من نكاح وإرث، ونحوه. وتصرفات المرتد في ردته من بيع وهبة وعتق .. وكذلك الأشياء التي يصير بها المسلم كافراً واستتابته فإذا لم يتب قتل إجماعاً (٢).


(١) ((الفتاوى)) (١٢/ ٥٠٠، ٥٠١) وانظر ((الفتاوى)) (٣/ ٢٢٩) وغيرها كثير.
(٢) انظر: ((المغني)) لابن قدامة (ص: ١٢٣) وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>