للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا فعل السلف مع من سب الرسول صلى الله عليه وسلم أو من لم يرض بحكم الرسول صلى الله عليه وسلم (١)، أو مع أعيان الجهمية كالجعد بن درهم وغيلان الدمشقي (٢) وما ورد من قتل السحرة (٣) .. الخ وأيضاً (أصحاب رسول صلى الله عليه وسلم قاتلوا بني حنيفة، وقد أسلموا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويؤذنون ويصلون، فإن قال: إنهم يقولون: إن مسيلمة نبي، فقل هذا هو المطلوب. إذا كان من رفع رجلاً إلى رتبة النبي صلى الله عليه وسلم كفر وحل ماله ودمه، ولم تنفعه الشهادتان ولا الصلاة، فكيف بمن رفع شمسان أو يوسف (٤) أو صحابياً أو نبياً إلى مرتبة جبار السموات والأرض؟ ويقال أيضاً: الذين حرقهم علي رضي الله عنه وتعلموا العلم من الصحابة، ولكنهم اعتقدوا في علي مثل الاعتقاد في يوسف وشمسان وأمثالهما، فكيف أجمع الصحابة على قتلهم وكفرهم؟ أتظنون أن الصحابة يكفرون المسلمين؟ .. ويقال أيضاً: بنو عبيد القداح الذين ملكوا المغرب ومصر في زمان بني العباس، كلهم يشهدون بألسنتهم أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويدعون الإسلام، ويصلون الجمعة والجماعة، فلما أظهروا مخالفة الشريعة في أشياء دون ما نحن فيه أجمع العلماء على كفرهم وقتالهم، وأن بلادهم بلاد حرب، وغزاهم المسلمون حتى استنقذوا ما بأيديهم من بلدان المسلمين ويقال أيضاً: الذين قال الله فيهم: يَحْلِفُونَ بِاللهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ [التوبة:٧٤] أما سمعت الله كفرهم بكلمة مع كونهم في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ويجاهدون معه ويصلون معه ويزكون ويحجون ويوحدون، وكذلك الذين قال الله فيهم: قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [التوبة:٦٥ - ٦٦]، فهؤلاء الذين صرح الله فيهم، أنهم كفروا بعد إيمانهم، وهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، قالوا كلمة ذكروا أنهم قالوها على وجه المزاح .. ) (٥).


(١) انظر: ((الصارم المسلول)) (ص: ٥٩) وما بعدها.
(٢) انظر: ((شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة)) لللالكائي (٢/ ٣١٩) والبخاري في ((خلق أفعال العباد)) (ص: ١١٨)، والدارمي في ((الرد على الجهمية)) (ص: ٣٥٢، ٣٥٣).
(٣) انظر ((فتح المجيد)) (ص: ٢٩١، ٢٩٢).
(٤) من الطواغيت التي كانت تعبد في نجد قديماً، ((كشف الشبهات)) (ص: ٤٠).
(٥) ((كشف الشبهات)) (ص: ٣٩ - ٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>