وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في تفسيرها:(خص الله نبيه في هذه الآية بالمخاطبة بما يليق به، فنهى أن يقولوا: يا محمد, أو يا أحمد، أو يا أبا القاسم، ولكن يقولوا: يا رسول الله، يا نبي الله, وكيف لا يخاطبونه بذلك، والله سبحانه أكرمه في مخاطبته إياه بما لم يكرم به أحداً من الأنبياء، فلم يدعه باسمه في القرآن قط، بل يقول يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا [الأحزاب: ٢٨] يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ [الأحزاب: ٥٠] يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ [الأحزاب: ١] يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً [الأحزاب: ٤٥] يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ [الطلاق: ١] يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ [التحريم: ١] يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ [المائدة: ٦٧] يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ [المزمل: ١ - ٢] يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ [المدثر: ١ - ٢] يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ [الأنفال: ٦٤].
وقال رحمه الله: (وإذا كنا في باب العبارة عن النبي صلى الله عليه وسلم علينا أن نفرق بين مخاطبته والإخبار عنه. فإذا خاطبناه كان علينا أن نتأدب بآداب الله تعالى حيث قال: لاَ تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً [النور: ٦٣] فلا تقول يا محمد, يا أحمد، كما يدعو بعضنا بعضاً بل نقول: يا رسول الله، يا نبي الله. والله سبحانه وتعالى خاطب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بأسمائهم فقال: يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ [البقرة: ٣٥] يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ [هود: ٤٨] يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ [طه: ١١ - ١٢] يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ [آل عمران: ٥٥].
ولما خاطبه صلى الله عليه وسلم قال: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ [الأنفال: ٦٤] يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ [المائدة: ٤١] يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ [المائدة: ٦٧] يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ [المزمل: ١] يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ [المدثر: ١٠] فنحن أحق أن نتأدب في دعائه وخطابه.