للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما قاله الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن أبا بطين في هذا الموضوع: (فالدين كله داخل في العبادة، فإذا علم الإنسان وتحقق معنى الإله، وأنه المعبود، وعرف حقيقة العبادة، تبين له أن من جعل شيئاً من العبادة لغير الله، فقد عبده واتخذه إلهاً، وإن فر من تسميته معبوداً أو إلهاً، فتغير الاسم لا يغير حقيقة المسمى، ولا يزيل حكمه ولما سمع عدي بن حاتم (١) - وهو نصراني – قول الله تعالى: اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ [التوبة: ٣١] , قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إنا لسنا نعبدهم. قال: ((أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه، ويحلون ما حرم الله فتحلونه؟ قال: بلى، قال: فذلك عبادتهم)) (٢).

فعديٌّ ما كان يحسب أن موافقتهم فيما ذكر عبادة منهم لهم، فأخبره صلى الله عليه وسلم أن ذلك عبادة منهم لهم، مع أنهم لا يعتقدونه عبادة لهم. وكذلك ما يفعله عباد القبور من دعاء أصحابها، والتقرب إليهم بالذبائح والنذور، عبادة منهم للمقبورين، وإن كانوا لا يسمونه ولا يعتقدونه عبادة) (٣).

ويقول الشيخ عبدالرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب – في توجيهه القول بأن النذر لغير الله شرك -: (وذلك لأن الناذر لله وحده قد علق رغبته به وحده، لعلمه بأنه تعالى ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، فتوحيد القصد هو توحيد العبادة، ولهذا ترتب عليه وجوب الوفاء فيما نذره طاعة لله، والعبادة إذا صرفت لغير الله صار ذلك شركاً بالله لالتفاته إلى غيره تعالى فيما يرغب فيه أو يرهب، فقد جعله شريكاً لله في العبادة) (٤). نواقض الإيمان القولية والعملية لعبد العزيز بن محمد بن علي العبد اللطيف- ص ٢٦٩


(١) عدي بن حاتم بن عبدالله الطائي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أسلم في سنة تسع، شهد فتح العراق، وكان جواداً، مات سنة ٦٨ هـ. انظر: ((الإصابة)) (٤/ ٤٧٢) و ((سير أعلام النبلاء)) (٣/ ١٦٢).
(٢) [٩٩٥٩])) رواه الترمذي (٣٠٩٥) والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (١٠/ ١١٦) والطبراني (١٧/ ٩٢) , قال الترمذي هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد السلام بن حرب وغطيف بن أعين ليس بمعروف في الحديث, وحسنه ابن تيمية في ((حقيقة الإسلام والإيمان)) (ص: ١١١) , وقال الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (٧/ ٨٦١): علة الحديث هي جهالة غطيف ابن أعين, وحسنه في ((صحيح سنن الترمذي)).
(٣) ((الانتصار)) (ص: ٣٣،٣٤) باختصار.
(٤) ((قرة عيون الموحدين)) (ص: ٨٥) وانظر جواب الشيخ محمد بن عبداللطيف آل الشيخ عن الذبح لغير الله تعالى في ((الدرر السنية)) (٨/ ٢٨٦) وجواب الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ عن الذبح لغير الله وكذا النذر لغير الله في ((فتاويه)) (١/ ١٠٥ – ١٠٧) وانظر ((فتاوى ابن باز)) (٣/ ٣٢٢) و ((المجموع الثمين)) لابن عثيمين (١/ ٤١)، و ((فتاوى اللجنة الدائمة)) (١/ ٨٩، ١١٠، ١١٢ – ١١٦، ١٢٧، ١٣٢، ٢٢٠، ٢٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>