للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر مرعي بن يوسف الكرمي أن السجود للحكام بقصد العبادة كفر، وبقصد التحية كبيرة (١).

ومما قاله أحمد الفاروقي السرهندي (٢) في مكتوباته: (والتبري من الكفر شرط الإسلام، والاجتناب عن شائبة الشرك توحيد، والاستمداد من الأصنام والطاغوت في دفع الأمراض والأسقام، كما هو شائع فيما بين جهلة أهل الإسلام عين الشرك والضلالة، وطلب الحوائج من الأحجار المنحوته نفس الكفر – إلى أن قال – وما يفعلونه من ذبح الحيوانات المنذورة للمشائخ عند قبور المشائخ المنذورة لهم جعله الفقهاء داخلاً في الشرك، وألحقوه بجنس ذبائح الجن الممنوع عنها شرعاً) (٣).

ويقول الشيخ محمد بن عبدالوهاب في هذا الشأن: (والعبادة أنواع كثيرة، لكني أمثلها بأنواع ظاهرة لا تنكر، من ذلك السجود فلا يجوز لعبد أن يضع وجهه على الأرض ساجداً إلا لله وحده لا شريك له، لا لملك مقرب، ولا لنبي مرسل، ولا لولي، ومن ذلك الذبح فلا يجوز لأحد أن يذبح إلا لله وحده، كما قرن الله بينهما في القرآن في قوله تعالى: قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الأنعام: ١٦٢] , والنسك هو الذبح، وقال: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر: ٢] فتفطن لهذا، واعلم أن من ذبح لغير الله من جني أو قبر، فكما لو سجد له، وقد لعنه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح بقوله: ((لعن الله من ذبح لغير الله)) (٤).

ومما كتبه الشوكاني عن مفاسد البناء على القبور قوله: (ومن المفاسد البالغة إلى حد يرمي بصاحبه إلى وراء حائط الإسلام: أن كثيراً منهم يأتي بأحسن ما يملكه من الأنعام، وأجود ما يحوزه من المواشي فينحره عند ذلك القبر، متقرباً به إليه، راجياً ما يضمر حصوله منه، فيهل به لغير الله، ويتعبد به لوثن من الأوثان، إذ إنه لا فرق بين نحر النحائر لأحجار منصوبة يسمونها وثناً، وبين قبر لميت يسمونه قبراً ... )

إلى أن قال: (ولا شك أن النحر نوع من أنواع العبادة التي تعبد الله العباد بها، كالهدايا والفدية والضحايا، فالمتقرب بها إلى القبر والناحر لها عنده لم يكن له غرض بذلك إلا تعظيمه وكرامته، واستجلاب الخير منه، واستدفاع الشر به، وهذا عبادة لا شك فيها، وكفاك من شر سماعه) (٥).


(١) انظر: ((غاية المنتهى)) (٣/ ٣٣٧)، وانظر ((كشاف القناع)) للبهوتي (٦/ ١٣٧).
(٢) أحمد بن عبدالأحد السرهندي، النقشبندي، من علماء الهند، دعا إلى نبذ البدع، اشتغل بالتدريس، له مؤلفات، توفي سنة ١٠٣٤ هـ. انظر ((الأعلام)) (١/ ١٤٢)، ((جم المؤلفين) (١/ ٢٥٩).
(٣) ((منتخبات من المكتوبات) للسرهندي (ص٢٢٠)
(٤) [٩٩٥٦])) رواه مسلم (١٩٧٨).
(٥) ((شرح الصدور بتحريم رفع القبور)) (ص٢٠) باختصار

<<  <  ج: ص:  >  >>