للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول القاضي عياض: وكذلك من ادّعى نبوة أحد مع نبينا صلى الله عليه وسلم، أو بعده كالعيسوية من اليهود، القائلين بتخصيص رسالته إلى العرب، وكالخرمية القائلين بتواتر الرسل، وكأكثر الرافضة القائلين بمشاركة علي في الرسالة للنبي صلى الله عليه وسلم عليه وسلم وبعده، وكذلك كل إمام عند هؤلاء يقوم مقامه في النبوة والرسالة ... أو من ادعى النبوة لنفسه، أو جوز اكتسابها، والبلوغ بصفاء القلب إلى مرتبتها.

وكذلك من ادّعى منهم أنه يوحى إليه، وإن لم يدع النبوة .. فهؤلاء كلهم كفار مكذبون للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه خاتم النبيين لا نبي بعده، وأخبر عن الله تعالى أنه خاتم النبيين، وأنه أرسل كافة للناس.

وأجمعت الأمة على حمل هذا الكلام على ظاهره، وأن مفهومه المراد منه دون تأويل ولا تخصيص، فلا شك في كفر هؤلاء الطوائف كلها قطعاً إجماعاً وسمعاً (١).

ويقول ابن نجيم: إذا لم يعرف أن محمداً صلى الله عليه وسلم آخر الأنبياء، فليس بمسلم؛ لأنه من الضروريات (٢).

ويقول ملا علي قاري: ودعوى النبوة بعد نبينا صلى الله عليه وسلم كفر بالإجماع (٣).

ويقول الألوسي: وكونه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين مما نطق به الكتاب، وصدعت به السنة، وأجمعت عليه الأمة، فيكفر مدعي خلافه، ويقتل إن أصر (٤).

- إذا تقرر وجه كون ادعاء النبوة ناقضاً من نواقض الإيمان القولية في موضوع النبوات، فإننا نسوق طرفاً من كلام العلماء في تقرير هذا الأمر:

يقول أحمد الدردير المالكي: ويكفر إذا جوز اكتساب النبوة، أي تحصيلها بسبب رياضة؛ لأنه يستلزم جواز وقوعها بعد النبي (٥).

ويقول محمد عليش المالكي: ويكفر بأن ادّعى شركاً أي: شخصاً مشاركاً مع نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، لمخالفته قوله تعالى وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ [الأحزاب:٤٠] ويكفر إن جوّز اكتساب النبوة بتصفية القلب، وتهذيب النفس، والجدّ في العبادة، لاستلزامه جوازها بعد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وتوهين ما جاء به الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم (٦).

وقال النووي: إذا ادّعى النبوة بعد نبينا صلى الله عليه وسلم، أو صدّق مدعياً لها ... فكل هذا كفر (٧).

وقال الشربيني: من نفى الرسل، بأن قال لهم: لم يرسلهم الله، أو نفى نبوة نبي، أو ادّعى النبوة بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، أو صدّق مدعيها، أو قال: النبوة مكتسبة، أو تنال رتبتها بصفاء القلوب، أو أوحي إليه ولم يدع النبوة ... فقد كفر (٨).

ويقول ابن قدامة: من ادّعى النبوة، أو صدّق من ادّعاها فقد ارتد؛ لأن مسيلمة لما ادّعى النبوة، فصدقه قومه، صاروا بذلك مرتدين، وكذلك طليحة الأسدي ومصدقوه، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذاباً كلهم يزعم أنه رسول الله)) (٩) (١٠).


(١) ((الشفا)) (٢/ ١٠٧٠، ١٠٧١).
(٢) ((الأشباه والنظائر)) (ص١٩٢).
(٣) ((شرح الفقه الأكبر)) (ص٢٤٤).
(٤) ((روح المعاني)) (٢٢/ ٤١).
(٥) ((الشرح الصغير)) (٦/ ١٤٩) بتصرف يسير.
(٦) ((شرح منح الجليل)) (٤/ ٤٦٤) بتصرف، وانظر: ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (٤/ ٢٦٩).
(٧) ((روضة الطالبين)) (١٠/ ٦٤، ٦٥).
(٨) ((مغني المحتاج)) (٤/ ١٣٥) بتصرف، وانظر: ((نهاية المحتاج)) للرملي (٧/ ٣٩٥)، و ((قليوبي وعميرة)) (٤/ ١٧٥).
(٩) رواه البخاري (٣٦٠٩)، ومسلم (١٥٧). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ: ((لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريباً من ثلاثين كلهم يزعم أنه رسول الله)).
(١٠) ((المغني)) (٨/ ١٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>