للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاء وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ [الأعراف:٤٠].

وقال تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ [الحج:٥٧].

بل إن صفة الجحود لتلك الآيات لا تقوم إلا في الكفار، كما قال تبارك وتعالى: وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ الْكَافِرُونَ [العنكبوت:٤٧]

ب- أجمع العلماء على كفر من أنكر الملائكة أو الجن، أو استهزأ واستخفّ بالملائكة، أو سبّهم، فيقول القاضي عياض: وحكم من سبّ سائر أنبياء الله تعالى، وملائكته، واستخف بهم، أو كذبهم فيما أتوا به، أو أنكرهم وجحدهم، حكم نبينا صلى الله عليه وسلم ... (١).

قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا [النساء:١٥٠ - ١٥١] (٢).

وإذا كان العلماء قد أجمعوا على كفر من أنكر آية من كتاب الله تعالى (٣)، فما بالك بمن أنكر آيات كثيرة جداً تثبت وجود الملائكة والجن!

فوجود الملائكة عليهم السلام كما هو ثابت بالكتاب والسنة، فهو ثابت بالإجماع، وكذلك الجن.

يقول ابن حزم: واتفقوا أن الملائكة حق، وأن جبريل وميكائيل ملكان رسولان لله عز وجل مقربان عظيمان عند الله تعالى، وأن الملائكة كلهم مؤمنون فضلاً، وأن الجن حق (٤).

ويذكر ابن حزم أن المسلمين والنصارى والمجوس والصابئين وأكثر اليهود كلهم مجمعون على وجود الجن (٥).

ويقول ابن تيمية: والإقرار بالملائكة والجن عام في بني آدم، لم ينكر ذلك إلا شواذ من بعض الأمم، ولهذا قالت الأمة المكذبة: وَلَوْ شَاء اللَّهُ لأَنزَلَ مَلائِكَةً [المؤمنون:٢٤]

حتى قوم نوح وعاد وثمود وقوم فرعون، قال قوم نوح: مَا هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لأَنزَلَ مَلائِكَةً [المؤمنون:٢٤]، وقال: فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ إِذْ جَاءتْهُمُ الرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاء رَبُّنَا لأَنزَلَ مَلائِكَةً [فصلت:١٣ - ١٤]، وليس في الأمم أمة تنكر ذلك إنكاراً عاماً، وإنما يوجد إنكار ذلك في بعضهم، مثل من قد يتفلسف فينكرهم لعدم العلم لا للعلم بالعدم (٦).

ويقول - في موضع آخر -: من المعلوم بالاضطرار أن الرسل أخبرت بالملائكة والجن، وأنها أحياء ناطقة قائمة بأنفسها، ليست أعراضاً قائمة بغيرها (٧).


(١) ومن المعلوم أن سب الرسول صلى الله عليه وسلم أو الاستهزاء به أو إنكاره من نواقض الإيمان بالإجماع.
(٢) ((الشفا)) (٢/ ١٠٩٧).
(٣) انظر: ((الشفا)) (٢/ ١١٠١)، و ((التمهيد)) (٤/ ٢٢٦)، و ((حكاية المناظرة في القرآن مع بعض أهل البدعة)) لابن قدامة (ص٣٣)، و ((الإبانة الصغرى)) (ص٢١١).
(٤) ((مراتب الإجماع)) (ص١٧٤).
(٥) انظر: ((الفصل)) (٥/ ١١٢).
(٦) ((النبوات)) (ص٢١، ٢٢) باختصار.
(٧) ((الصفدية)) (١/ ١٩٢، ١٩٣) بتصرف يسير. وانظر: ((الصفدية)) (١/ ١٦٨)، وانظر: ((المعتمد في أصول الدين)) لأبي يعلي (ص١٧١، ١٧٢)، و ((آكام المرجان في أحكام الجان)) للشبلي (ص٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>