للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول ابن رجب: قد يترك الرجل دينه، ويفارق الجماعة، وهو مقرّ بالشهادتين، ويدعي الإسلام، كما إذا جحد شيئاً من أركان الإسلام ... (١).

وقرر مرعي بن يوسف الكرمي كفر من جحد وجوب عبادة من الخمس، ومنها الطهارة، أو حكماً ظاهراً مجمعاً عليه إجماعاً قطعياً، بلا تأويل كتحريم زنى أو لحم - لا شحم - خنزير أو حشيشة أو حِلَّ خبزٍ ونحوه، أو شك فيه، ومثله لا يجهله، أو يجهله، وعرف وأصر (٢).

وقال البهوتي: من استحلّ الحشيشة المسكرة كفر بلا نزاع، وإن جحد وجوب العبادات الخمس المذكورة في حديث: ((بني الإسلام على خمس ... )) (٣)، أو جحد شيئاً منها، ومنها الطهارة من الحدثين كفر، أو جحد حِلَّ الخبز واللحم والماء، أو أحل الزنا ونحوه كشهادة الزور واللواط، أو أحل ترك الصلاة، أو جحد شيئاً من المحرمات الظاهرة المجمع على تحريمها كلحم الخنزير والخمر وأشباه ذلك، أو شك فيه ومثله لا يجهله، كفر؛ لأنه مكذب لله ولرسوله وسائر الأمة (٤).

ويعلل البهوتي - في كتاب آخر - السبب في كفر منكر حكم معلوم من الدين بالضرورة، فيقول: لمعاندته للإسلام، وامتناعه من قبول الأحكام، غير قابل لكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة (٥)

وقال إبراهيم اللقاني في (جوهرة التوحيد) (٦):

ومن لمعلوم ضرورة جحد ... من ديننا يقتل كفراً ليس حد

ومثل هذا من نفى لمجمع ... أو استباح كالزنا فلتسمع

وقال البيجوري شارحاً لهذين البيتين: من جحد أمراً معلوماً من أدلة ديننا يشبه الضرورة، بحيث يعرفه خواص المسلمين وعوامهم، كوجوب الصلاة والصوم وحرمة الزنا والخمر ونحوها، يقتل لأجل كفره؛ لأن جحده لذلك مستلزم لتكذيب النبي صلى الله عليه وسلم، أمراً معلوماً من الدين بالضرورة، من نفى حكماً مجمعاً عليه إجماعاً قطعياً، وهو ما اتفق المعتبرون على كونه إجماعاً، بخلاف الإجماع السكوتي، فإنه ظني لا قطعي، وظاهر كلام الناظم أن من نفى مجمعاً عليه يكفر، وإن لم يكن معلوماً من الدين بالضرورة، كاستحقاق بنت الابن السدس مع بنت الصلب، وهو ضعيف وإن جزم به الناظم، والراجح أنه لا يكفر من نفى المجمع عليه إلا إذا كان معلوماً من الدين بالضرورة (٧).

وقال الشوكاني: قد تقرر في القواعد الإسلامية: أن منكر (الإجماع) القطعي وجاحده، والعامل على خلافه تمرداً، أو عناداً، أو استحلالاً، أو استخفافاً كافر بالله، وبالشريعة المطهرة التي اختارها الله لعباده (٨).

وقال السعدي: ومن جحد وجوب الصلاة، أو وجوب الزكاة، أو الصيام، أو الحج، فهو مكذّب لله ورسوله، ولكتاب الله وسنة نبيه وإجماع المسلمين، وهو خارج من الدين بإجماع المسلمين، ومن أنكر حكماً من أحكام الكتاب والسنة ظاهراً مجمعاً عليه إجماعاً قطعياً كمن ينكر حِلّ الخبز والإبل والبقر والغنم ونحوها مما هو ظاهر، أو ينكر تحريم الزنا أو القذف أو شرب الخمر، فضلاً عن الأمور الكفرية والخصال الشركية، فهو كافر مكذّب لكتاب الله وسنة نبيه متّبع غير سبيل المؤمنين (٩).


(١) ((جامع العلوم والحكم)) (١/ ٣١٨).
(٢) ((غاية المنتهى)) (٣/ ٣٣٥).
(٣) رواه البخاري (٨)، ومسلم (١٦). من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(٤) ((كشاف القناع)) (٦/ ١٣٩ - ١٤٠) باختصار. وانظر: ((المقنع)) لابن قدامة (٣/ ٥١٦).
(٥) ((شرح منتهى الإرادات)) (٣/ ٣٨٦، ٣٨٧).
(٦) انظر: ((شرح جوهرة التوحيد)) (ص١٩٩).
(٧) ((شرح جوهرة التوحيد)) (ص ١٩٩).
(٨) ((الدواء العاجل في دفع العدو الصائل)) (ضمن الرسائل السلفية) (ص٣٤).
(٩) ((الإرشاد إلى معرفة الأحكام)) (ص٢٠٦ - ٢٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>