للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان) (١).

وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار)) (٢).

وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((من مات ولم يغز، ولم يحدث به نفسه؛ مات على شعبة من نفاق)) (٣). الإيمان حقيقته، خوارمه، نواقضه عند أهل السنة والجماعة لعبد الله بن عبد الحميد الأثري - ص١٥٢

وتختلف عبارات الأئمة في إيضاح هذين النوعين:

فبعض الأئمة كالإمام الترمذي، والإمام ابن العربي المالكي، والحافظ ابن كثير، وابن حجر يقسمون النفاق إلى نفاق اعتقادي، وهو المخرج من الملة وإلى نفاق عملي، قال الإمام الترمذي رحمه الله في تعليقه على حديث: (أربع من كن فيه كان منافقاً ... ) (٤) (وإنما معنى هذا عند أهل العلم نفاق العمل، وإنما نفاق التكذيب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا روي عن الحسن البصري شيئاً من هذا أنه قال: النفاق نفاقان، نفاق عمل ونفاق التكذيب (٥).

وقال الإمام ابن العربي: النفاق هو إظهار القول باللسان أو الفعل بخلاف ما في القلب من القول والاعتقاد. (أصوله) وهي قسمان:

أحدهما: أن يكون الخبر أو الفعل في توحيد الله وتصديقه أو يكون في الأعمال، فإن كان في التوحيد كان صريحاً، وإن كان في الأعمال كانت معصية، وكان نفاقاً دون نفاق كما تقدم القول في كفر دون كفر ... (٦).

وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله: النفاق هو إظهار الخير وإسرار الشر، وهو أنواع: اعتقادي، وهو الذي يخلد صاحبه في النار، وعملي وهو من أكبر الذنوب ... (٧)

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: والنفاق لغةً: مخالفة الباطن للظاهر، فإن كان في الترك اعتقاد الإيمان فهو نفاق الكفر، وإلا فهو نفاق العمل، ويدخل فيه الفعل والترك، وتتفاوت مراتبه (٨).

وبعض الأئمة كالإمام ابن تيمية والإمام ابن القيم والحافظ ابن رجب يعبرون عن ذلك بتقسيم النفاق إلى الأكبر المخرج من الملة وإلى نفاق أصغر غير مخرج من الملة، يقول شيخ الإسلام رحمه الله: فمن النفاق ما هو أكبر يكون صاحبه في الدرك الأسفل من النار، كنفاق عبدالله بن أُبي وغيره بأن يظهر تكذيب الرسول ... فهذا ضرب النفاق الأصغر: فهو النفاق في الأعمال ونحوها ... (٩)، ويقول أيضاً: والنفاق كالكفر نفاق دون نفاق، ولهذا كثيراً ما يقال: كفر ينقل عن الملة، وكفر لا ينقل، ونفاق أكبر، ونفاق أصغر، كما يقال: الشرك شركان أصغر، وأكبر ... (١٠).

وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في بيان أقسام النفاق: وهو نوعان: أكبر، وأصغر؛ فالأكبر: يوجب الخلود في النار في دركها الأسفل، وهو أن يظهر للمسلمين إيمانه بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وهو في الباطن منسلخ من ذلك كله مكذّب به ... (١١).


(١) رواه البخاري (٣٣)، ومسلم (٥٩). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) رواه البخاري (١٧)، ومسلم (٧٤). من حديث أنس رضي الله عنه.
(٣) رواه مسلم (١٩١٠). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٤) رواه البخاري (٣٤)، ومسلم (٥٨)، والترمذي (٢٦٣٢). من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
(٥) ((عارضة الأحوذي)) (١٠/ ١٠٠)، والمقصود بنفاق التكذيب أن يظهر الإيمان بلسانه أو فعله وهو مكذّب بقلبه كالمنافقين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(٦) ((عارضة الأحوذي)) (١٠/ ١٠٠).
(٧) ((تفسير ابن كثير)) (١/ ٤٧).
(٨) ((فتح الباري)) (١/ ٨٩).
(٩) ((مجموع الفتاوى)) (٢٨/ ٤٣٤ - ٤٣٥)
(١٠) ((الإيمان الأوسط)) (ص: ٦٦).
(١١) ((مدارج السالكين)) (١/ ٣٧٦)، وانظر في هذا التقسيم: ((الرياض النضرة)) للشيخ عبدالرحمن بن سعدي، رحمه الله (ص٢٤٠)، و ((جامع العلوم والحكم)) (ص٤٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>