للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحاصل: أنه يجب أن تقتل السحرة، سواء قلنا بكفرهم أم لم نقل، لأنهم يمرضون ويقتلون، ويفرقون بين المرء وزوجه، وكذلك بالعكس، فقد يعطفون فيؤلفون بين الأعداء، ويتوصلون إلى أغراضهم، فإن بعضهم قد يسحر أحداً ليعطفه إليه وينال مأربه منه، كما لو سحر امرأة ليبغي بها، ولأنهم كانوا يسعون في الأرض فساداً، فكان واجباً على ولي الأمر قتلهم بدون استتابة مادام أنه لدفع ضررهم وفظاعة أمرهم، فإن الحد لا يستتاب صاحبه، متى قبض عليه وجب أن ينفذ فيه الحد.

وصح عن حفصة رضي الله عنها، (أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها، فقتلت) (١). وكذلك صح عن جندب (٢). قال أحمد: عن ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

قوله: (قال أحمد عن ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم).

وهم: عمر، وحفصة، وجندب الخير، أي: صح قتل الساحر عن ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

والقول بقتلهم موافق للقواعد الشرعية، لأنهم يسعون في الأرض فساداً، وفسادهم من أعظم الفساد، فقتلهم واجب على الإمام، ولا يجوز للإمام أن يتخلف عن قتلهم، لأن مثل هؤلاء إذا تركوا وشأنهم انتشر فسادهم في أرضهم وفي أرض غيرهم، وإذا قتلوا سلم الناس من شرهم، وارتدع الناس عن تعاطي السحر. القول المفيد على كتاب التوحيد لمحمد بن صالح بن عثيمين – بتصرف - ٢/ ٥

وقال ابن هبيرة: (اختلفوا فيمن يتعلم السحر ويستعمله، فقال أبو حنيفة ومالك وأحمد: - يكفر بذلك، إلا أن من أصحاب أبي حنيفة من فصل ذلك، فقال إن تعلمه ليتقه أو ليتجنبه فلا يكفر بذلك، وإن تعلمه معتقداً لجوازه أو معتقداً أنه ينفعه فإنه يكفر، ولم ير الإطلاق، وإن اعتقد أن الشياطين تفعل ما يشاء فهو كافر، وقال الشافعي: - إذا تعلم السحر قلنا له صف سحرك، فإن وصف ما يوجب الكفر بمثل ما اعتقد أهل بابل من التقرب إلى الكواكب السبعة، وأنها تفعل ما يلتمس منها فهو كافر، وإن كان لا يوجب الكفر، فإن اعتقد إباحته فهو كافر) (٣).

أما القائلون بتكفير الساحر، فنورد أمثلة من أقوالهم على النحو التالي:-

...


(١) [١٠٦٩٢])) رواه مالك في ((الموطأ)) (٢/ ٨٧١) , والشافعي في ((المسند)) (١/ ٣٨٣) , والطبراني (٢٣/ ١٨٧) , وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (٥/ ٤٥٣) , والحديث صححه ابن القيم في ((زاد المعاد)) (٥/ ٥٧) , وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (٦/ ٢٨٣): [هو] من رواية إسماعيل بن عياش عن المدنيين وهي ضعيفة وبقية رجاله ثقات.
(٢) [١٠٦٩٣])) رواه الترمذي (١٤٦٠) والطبراني (٢/ ١٦١) , والحاكم (٤/ ٤٠١) , والدارقطني (٣/ ١٤١) , والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (٨/ ١٣٩) , قال الترمذي لا نعرفه إلا مرفوعا من هذا الوجه وإسماعيل بن مسلم المكي يضعف في الحديث والصحيح عن جندب موقوف, وقال ابن عدي في ((الكامل في الضعفاء)) (١/ ٤٦٢): [فيه] إسماعيل بن مسلم أحاديثه غير محفوظة عن أهل الحجاز والبصرة والكوفة إلا أنه ممن يكتب حديثه, وقال البيهقي في ((السنن الكبرى)): [فيه] إسماعيل بن مسلم ضعيف, وقال ابن عبد البر في ((الاستذكار)) (٧/ ١٦٣): مرسل وليس بالقوي، انفرد به إسماعيل بن مسلم عن الحسن, وضعفه ابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (٣/ ٤٢٧) , وقال ابن حجر في ((فتح الباري)) (١٠/ ٢٤٧): في إسناده ضعف, وضعفه الألباني في ((السلسلة الضعيفة)) (١٤٤٦).
(٣) [١٠٦٩٤])) ((الإفصاح عن معاني الصحاح)) (٢/ ٢٢٦)، وانظر ((المحلى)) لابن حزم (١٣/ ٤٦٩)، و ((تفسير القرطبي)) (٢/ ٤٧ - ٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>