للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول الدردير المالكي: (فقول الإمام رضي الله عنه: - إن تعلم السحر وتعليمه كفر، وإن لم يعمل به، ظاهر في الغاية إذ تعظيم الشياطين ونسبة الكائنات إليها لا يستطيع عاقل يؤمن بالله أن يقول فيه: إنه ليس بكفر) (١).

وقال الخرشي: (والمشهور أن تعلم السحر كفر، وإن لم يعمل به) (٢).

وقال ابن قدامة: (إن تعلم السحر وتعليمه حرام لا نعلم فيه خلافاً بين أهل العلم، قال أصحابنا: ويكفر الساحر بتعلمه وفعله سواء اعتقد تحريمه أو إباحته، وروي عن الإمام أحمد ما يدل على أنه لا يكفر (٣)) (٤).

وقال مرعي الكرمي: (فساحر يركب المكنسة فتسير به في الهواء، أو يدعي أن الكواكب تخاطبه كافر، كمعتقد حله، لا من يسحر بأدوية وتدخين وسقي شيء يضر، ويعزر بليغاً) (٥).

وجاء في الإنصاف: (الساحر الذي يركب المكنسة، فتسير به في الهواء ونحوه، كالذي يدعي أن الكواكب تخاطبه يكفر ويقتل، هذا المذهب، وعليه جماهير الأصحاب ... وعنه: لا يكفر ..

فأما الذي يسحر بالأدوية، والتدخين، وسقي شيء يضر، فلا يكفر ولا يقتل، ولكن يعزر. هذا المذهب ... ) (٦).

وأما الفريق الآخر، فهذا الإمام الشافعي – رحمه الله – يقول: (والسحر اسم جامع لمعان مختلفة، فيقال للساحر صف السحر الذي تسحر به، فإن كان ما يسحر به كلام كفر صريح استتيب منه، فإن تاب وإلا قتل وأخذ ماله فيئاً، وإن كان ما يسحر به كلاماً لا يكون كفراً، وكان غير معروف ولم يضر به أحد نهي عنه، فإن عاد عزر، وإن كان يعمل عملاً إذا عمله قُتِل المعمول به، وقال عمدت قتله، قتل به قوداً، إلا أن يشاء أولياؤه أن يأخذوا ديته ... ) (٧).

وإذا تأملنا القولين فلا اختلاف معنوي بينهما، فعند التفصيل يزول الإشكال وتجتمع الأدلة، وكما قال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب – رحمهم الله – (وعند التحقيق ليس بين القولين اختلاف، فإن من لم يكفر لظنه أنه يتأتى بدون الشرك وليس كذلك بل لا يأتي السحر الذي من قبل الشياطين إلا بالشرك وعبادة الشيطان والكواكب، ولهذا سماه الله كفراً في قوله: - إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ [البقرة:١٠٢]

وأما سحر الأدوية والتدخين ونحوه فليس بسحر، وإن سمي سحراً فعلى سبيل المجاز كتسمية القول البليغ والنميمة سحراً، ولكنه يكون حراماً لمضرته، ويعزر من يفعله تعزيراً بليغاً) (٨).


(١) [١٠٦٩٥])) ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (٤/ ٣٠٢)، وانظر ((الشرح الصغير)) (٤/ ١٤٦)، و ((بلغة السالك)) (٦/ ١٤٦).
(٢) [١٠٦٩٦])) ((الخرشي على مختصر خليل)) (٧/ ٦٣).
(٣) [١٠٦٩٧])) غالب الروايات عن الإمام أحمد تنص على قتل الساحر، ومنها روايات تنص على كفره وروايات أخرى لا تكفره انظر: ((المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد في العقيدة)) (٢/ ٦٠، ٦٩، ١٠١ – ١٠٧)
(٤) [١٠٦٩٨])) ((المغني)) (٨/ ١٥٠)
(٥) [١٠٦٩٩])) ((غاية المنتهى)) (٣/ ٣٤٤) وانظر ((المبدع)) (٩/ ١٨٨)، و ((شرح منتهى الإرادات)) (٣/ ٣٩٤).
(٦) [١٠٧٠٠])) ((الإنصاف)) للمرداوي (١٠/ ٣٤٩، ٣٥٠) باختصار
(٧) [١٠٧٠١])) ((الأم)) (١/ ٣٩١، ٣٩٢).
(٨) [١٠٧٠٢])) ((وتيسير العزيز الحميد)) (ص: ٣٨٤) باختصار.

<<  <  ج: ص:  >  >>