للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - قوله تعالى: - وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ واتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ اللَّه خَيْرٌ ..

يقول الجصاص – عن هذه الآية -: (فجعل ضد هذا الإيمان فعل السحر؛ لأنه جعل الإيمان في مقابلة فعل السحر، وهذا يدل على أن الساحر كافر، فإذا ثبت كفره، فإن كان مسلماً قبل ذلك، فقد كفر بفعل السحر، فاستحق القتل) (١).

يقول ابن كثير: (وقد استدل بقوله وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ واتَّقَوْا .. من ذهب إلى تكفير الساحر) (٢).

ويقول الحكمي – عن هذا الدليل -: (وهذا من أصرح الأدلة على كفر الساحر، ونفي الإيمان عنه بالكلية، فإنه لا يقال للمؤمن المتقي: ولو أنه آمن واتقى، وإنما قال تعالى ذلك لمن كفر، وفجر، وعمل بالسحر، واتبعه، وخاصم به رسوله، ونبذ الكتاب وراء ظهره) (٣).

(ب) قوله تعالى: - وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى [طه:٦٩]

ومما قاله الشنقيطي – رحمه الله – في هذه الآية:-

(إن الفعل في سياق النفي من صيغ العموم ... فقوله تعالى في هذه الآية الكريمة وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى الآية يعم نفي جميع أنواع الفلاح عن الساحر، وأكد ذلك بالتعميم في الأمكنة بقوله حَيْثُ أَتَى وذلك دليل على كفره؛ لأن الفلاح لا ينفى بالكلية نفياً عاماً إلا عمن لا خير فيه وهو الكافر.

ويدل على ذلك أنه عرف باستقراء القرآن أن الغالب فيه أن لفظة لا يفلح يراد بها الكافر كقوله تعالى في سورة يونس: - قَالُواْ اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ إِنْ عِندَكُم مِّن سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ [يونس:٦٨ – ٧٠].

وقوله في الأنعام: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ [الأنعام: ٢١]) (٤).

(ج) أن النبي صلى الله عليه وسلم قرن السحر بالشرك، وفي بعض الأحاديث سماه شركاً، وحكم صلى الله عليه وسلم بالكفر على من أتى ساحراً فصدقه، كما تبرأ صلى الله عليه وسلم من الساحر والمسحور.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: - ((اجتنبوا السبع الموبقات قالوا يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله والسحر .. الحديث)) (٥) "

وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:- ((من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر، ومن سحر فقد أشرك، ومن تعلق شيئاً وكل إليه)) (٦).


(١) [١٠٧٠٧])) ((أحكام القرآن)) (١/ ٥٣).
(٢) [١٠٧٠٨])) ((تفسير ابن كثير)) (١/ ١٣٧).
(٣) [١٠٧٠٩])) ((معارج القبول)) (١/ ٥١٨).
(٤) [١٠٧١٠])) ((أضواء البيان)) (٤/ ٤٤١ – ٤٤٣) باختصار، وانظر ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (٣٥/ ١٩٣).
(٥) [١٠٧١١])) رواه البخاري (٢٧٦٦) , ومسلم (٨٩).
(٦) [١٠٧١٢])) رواه النسائي (٧/ ١١٢) , والطبراني في ((الأوسط)) (٢/ ١٢٧) , قال ابن عدي في ((الكامل في الضعفاء)) (٥/ ٥٥١): [فيه] عباد المنقري هو ممن يكتب حديثه, وقال المزي في ((تهذيب الكمال)) (٩/ ٤٢٩): [فيه] عباد بن ميسرة قال يحيى بن معين ليس به بأس وقال أبو داود ليس بالقوي, وقال الذهبي في ((ميزان الاعتدال)) (٢/ ٣٧٨): لا يصح للين عباد بن ميسرة وانقطاعه, وقال الألباني في ((ضعيف النسائي)): ضعيف لكن جملة التعليق ثبتت في الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>