للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: علم التأثير، وهو أن يستدل بالأحوال الفلكية على الحوادث الأرضية، فهذا محرم باطل لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من اقتبس شعبة من النجوم، فقد اقتبس شعبة من السحر)) (١)، وقوله في حديث زيد بن خالد: ((من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب)) (٢)، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم في الشمس والقمر: ((إنهما آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته)) (٣) , فالأحوال الفلكية لا علاقة بينها وبين الحوادث الأرضية.

الثاني: علم التسيير، وهو ما يستدل به على الجهات والأوقات، فهذا جائز، وقد يكون واجباً أحياناً، كما قال الفقهاء: إذا دخل وقت الصلاة يجب على الإنسان أن يتعلم علامات القبلة من النجوم والشمس والقمر، قال تعالى: وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [النحل: ١٥]، فلما ذكر الله العلامات الأرضية انتقل إلى العلامات السماوية، فقال تعالى: وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ [النحل: ١٦]، فالاستدلال بهذه النجوم على الأزمات لا بأس به، مثل أن يقال: إذا طلع النجم الفلاني دخل وقت السيل ودخل وقت الربيع، وكذلك على الأماكن، كالقبلة، والشمال، والجنوب.

قوله: (فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد). المراد بالسحر هنا: ما هو أعم من السحر المعروف، لأن هذا من الاستدلال بالأمور الخفية التي لا حقيقة لها، كما أن السحر لا حقيقة له، فالسحر لا يقلب الأشياء، لكنه يموه، وهكذا اختلاف النجوم لا تتغير بها الأحوال.

قوله: (زاد ما زاد). أي: كلما زاد شعبة من تعلم النجوم ازداد شعبة من السحر.

ووجه ذلك: أن الشيء إذا كان من الشيء، فإنه يزداد بزيادته.

وجه مناسبة الحديث لترجمة المؤلف:

أن من أنواع السحر: تعلم النجوم ليستدل بها على الحوادث الأرضية، وهذا الحديث وإن كان ضعيف السند، لكن من حيث المعنى الصحيح تشهد له النصوص الأخرى ...

التنجيم: مصدر نجم بتشديد الجيم، أي: تعلم علم النجوم، أو اعتقد تأثير النجوم.

وعلم النجوم ينقسم إلى قسمين:

١ - علم التأثير. ٢ - علم التسيير.

فالأول: علم التأثير. وهذا ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

أن يعتقد أن هذه النجوم مؤثرة فاعلة، بمعنى أنها هي التي تخلق الحوادث والشرور، فهذا شرك أكبر، لأن من ادعى أن مع الله خالقاً، فهو مشرك شركاً أكبر، فهذا جعل المخلوق المسخر خالقاً مسخراً.


(١) [١٠٧٩١])) رواه أبو داود (٣٩٠٥) , وابن ماجه (٣٧٢٦) , وأحمد (١/ ٢٢٧) (٢٠٠٠) والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (٨/ ١٣٨) , والطبراني (١١/ ١٣٥) , كلهم رووه بلفظ: ((من اقتبس علماً من النجوم)) بدلاً من ((من اقتبس شعبةً من النجوم)) , والحديث سكت عنه ابو داود, وقال ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (٣٥/ ١٩٣) , والنووي في ((رياض الصالحين)) (٥٣٦) , والعراقي في ((تخريج الإحياء)) (٤/ ١٤٤) , وأحمد شاكر في ((مسند أحمد)) (٣/ ٣١٢): إسناده صحيح, وصححه الألباني في ((صحيح ابن ماجه)).
(٢) [١٠٧٩٢])) رواه البخاري (٨٤٦) , ومسلم (٧١).
(٣) [١٠٧٩٣])) رواه البخاري (١٠٦٠) , ومسلم (٩١٥) , من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>