للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (ولم يرخص فيه ابن عيينة). هو سفيان بن عيينة المعروف، وهذا يوافق قول قتادة بالكراهة.

قوله: (وذكره حرب). من أصحاب أحمد، روى عنه مسائل كثيرة.

قوله: (إسحاق). هو إسحاق بن راهويه.

والصحيح أنه لا بأس بتعلم منازل القمر، لأنه لا شرك فيها، إلا أن تعلمها ليضيف إليها نزول المطر وحصول البرد، وأنها هي الجالبة لذلك، فهذا نوع من الشرك، أما مجرد معرفة الوقت بها: هل هو الربيع، أو الخريف، أو الشتاء، فهذا لا بأس به.

وعن أبي موسى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن الخمر، وقاطع الرحم، ومصدق بالسحر)) رواه أحمد وابن حبان في "صحيحه" (١).

... قوله: (ومصدق بالسحر). هذا هو شاهد الباب، ووجهه أن علم التنجيم نوع من السحر، فمن صدق به فقد صدق بنوع من السحر، ... : ((أن من اقتبس شعبة من النجوم، فقد اقتبس شعبة من السحر)) (٢) , والمصدق به هو المصدق بما يخبر به المنجمون، فإذا قال المنجم: سيحدث كذا وكذا، وصدق به، فإنه لا يدخل الجنة، لأنه صدق بعلم الغيب لغير الله، قال تعالى: قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [النمل: ٦٥].

فإن قيل: لماذا لا يجعل السحر هنا عاماً ليشمل التنجيم وغير التنجيم؟

أجيب: إن المصدق بما يخبره به السحر من علم الغيب يشمله الوعيد هنا، وأما المصدق بأن للسحر تأثيراً، فلا يلحقه هذا الوعيد، إذا لا شك أن للسحر تأثيراً، لكن تأثيره تخييل، مثل ما وقع من سحرة فرعون حيث سحروا أعين الناس حتى رأوا الحبال والعصي كأنها حيات تسعى، وإن كان لا حقيقة لذلك، وقد يسحر الساحر شخصاً فيجعله يُحِب فلاناً ويبغض فلاناً، فهو مؤثر، قال تعالى: فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ [البقرة: ١٠٢]، فالتصديق بأثر السحر على هذا الوجه لا يدخله الوعيد لأنه تصديق بأمر واقع.

أما من صدق بأن السحر يؤثر في قلب الأعيان بحيث يجعل الخشب ذهباً أو نحو ذلك، فلا شك في دخوله في الوعيد، لأن هذا لا يقدر عليه إلا الله عز وجل. القول المفيد على كتاب التوحيد لمحمد بن صالح بن عثيمين - بتصرف – ٢/ ٤٣


(١) [١٠٧٩٦])) رواه أحمد (٤/ ٣٩٩) (١٩٥٨٧) , وابن حبان (١٣/ ٥٠٧) , وأبو يعلى (١٣/ ١٨١) , قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (٥/ ٧٤): رجال أحمد وأبي يعلى ثقات, وضعفه الألباني في ((السلسلة الضعيفة)) (١٤٦٣) , وقال شعيب الأرنؤوط في ((مسند أحمد)) (٤/ ٣٩٩) قوله منه: (ثلاثة لا يدخلون الجنة مدمن خمر وقاطع رحم ومصدق بالسحر) حسن لغيره وهذا إسناد ضعيف لضعف أبي حريز.
(٢) [١٠٧٩٧])) رواه أبو داود (٣٩٠٥) , وابن ماجه (٣٧٢٦) , وأحمد (١/ ٢٢٧) (٢٠٠٠) والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (٨/ ١٣٨) , والطبراني (١١/ ١٣٥) , كلهم رووه بلفظ: ((من اقتبس علماً من النجوم)) بدلاً من ((من اقتبس شعبةً من النجوم)) , والحديث سكت عنه ابو داود, وقال ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (٣٥/ ١٩٣) , والنووي في ((رياض الصالحين)) (٥٣٦) , والعراقي في ((تخريج الإحياء)) (٤/ ١٤٤) , وأحمد شاكر في ((مسند أحمد)) (٣/ ٣١٢) كلهم قالوا: إسناده صحيح, وصححه الألباني في ((صحيح ابن ماجه)).

<<  <  ج: ص:  >  >>