للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إن التنجيم، هو أحد أقسام الكهانة، ولذا يسمي بعضهم المنجم كاهناً (١)، والكاهن (هو الذي يدعي مطالعة علم الغيب ويخبر الناس عن الكوائن) (٢).

يقول القاضي عياض – ذاكراً أنواع الكهانة –

(كانت الكهانة في العرب ثلاثة أضرب: - أحدها أن يكون للإنسان ولي من الجن يخبره بما يسترقه من السمع من السماء، وهذا القسم باطل من حين بعث النبي صلى الله عليه وسلم.

الثاني: - أنه يخبره بما يطرأ أو يكون في أقطار الأرض وما خفي عنه مما قرب أو بعد، وهذا لا يبعد وجوده.

الثالث: - المنجمون، وهذا الضرب يخلق الله تعالى فيه لبعض الناس قوة ما لكن الكذب فيه أغلب، ومن هذا الفن العرافة وصاحبها عراف، وهو الذي يستدل على الأمور بأسباب ومقدمات يدعي معرفتها بها، وقد يعتضد بعض هذا الفن ببعض في ذلك بالزجر والطرق والنجوم، وأسباب معتادة، وهذه الأضرب كلها تسمى كهانة وقد أكذبهم الشرع ونهى عن تصديقهم، وإتيانهم. والله أعلم) (٣) ...

وهذا التنجيم إنما كان سحراً لقوله صلى الله عليه وسلم: ((من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد)) (٤).

يقول ابن تيمية: (فقد صرح رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن علم النجوم من السحر، وقد قال الله تعالى وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى [طه: ٦٩] وهكذا الواقع فإن الاستقراء يدل على أن أهل النجوم لا يفلحون، لا في الدنيا ولا في الآخرة) (٥).

والتنجيم الذي يعد سحراً له أنواع منها: -

(أ) عبادة النجوم كما كان يفعل الصابئة، اعتقاداً منهم بأن الموجودات في العالم السفلي مركبة على تأثير تلك النجوم، ولذا بنوا هياكل لتلك النجوم، وعبدوها وعظموها، زاعمين أن روحانية تلك النجوم تتنزل عليهم فتخاطبهم وتقضي حوائجهم. (٦) ولا شك أن هذا كفر بالإجماع. (٧)


(١) انظر ((شرح السنة)) للبغوي (١٢/ ١٧٧)، و ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (٣٥/ ١٧٢، ١٩٣).
(٢) ((معالم السنن)) للخطابي (٤/ ٢٢٥)، وانظر ((النهاية لابن الأثير)) (٤/ ٢١٤)، و ((شرح السنة)) للبغوي (١٢/ ١٨٢)، وفتح الباري ١٠/ ٢١٦، و ((مفردات الراغب)) (ص ٦٦٥)، و ((شرح الفقه الأكبر)) لملا علي قاري (ص ٢٢١)، و ((مفتاح السعادة)) لطاش كبري (١/ ٣٤٠)، و ((بلوغ الأرب)) للآلوسي (٣/ ٢٦٩)، و ((فتاوى اللجنة الدائمة)) (١/ ٣٩٣).
(٣) ((صحيح مسلم بشرح النووي)) (١٤/ ٢٢٣)، وانظر ((معالم السنن)) للخطابي (٤/ ٢٢٥)، و ((مفتاح دار السعادة)) لابن القيم (٢/ ٢١٧)، و ((فتح الباري)) (١٠/ ٢١٧)، و ((فتاوى ابن باز)) (٢/ ١٢٠)، و ((المجموع الثمين من فتاوى ابن عثيمين)) (٢/ ١٣٨).
(٤) [١٠٨٠١])) رواه أبو داود (٣٩٠٥) , وابن ماجه (٣٧٢٦) , وأحمد (١/ ٢٢٧) (٢٠٠٠) والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (٨/ ١٣٨) , والطبراني (١١/ ١٣٥) , كلهم رووه بلفظ: ((من اقتبس علماً من النجوم)) بدلاً من ((من اقتبس شعبةً من النجوم)) , والحديث سكت عنه ابو داود, وقال ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (٣٥/ ١٩٣) , والنووي في ((رياض الصالحين)) (٥٣٦) , والعراقي في ((تخريج الإحياء)) (٤/ ١٤٤) , وأحمد شاكر في ((مسند أحمد)) (٣/ ٣١٢) قالوا: إسناده صحيح, وصححه الألباني في ((صحيح ابن ماجه)).
(٥) ((مجموع الفتاوى)) (٣٥/ ١٩٣)
(٦) انظر ((الفتاوى)) لابن تيمية (٣٥/ ١٧٧)، و ((شرح العقيدة الطحاوية)) (٢/ ٧٧٥)، و ((شرح الفقه الأكبر)) لملا علي قاري (ص: ٢٢٣)، و ((وتيسير العزيز الحميد)) (ص: ٤٤١).
(٧) انظر ((الفتاوى)) لابن تيمية (٣٥/ ١٧٧)، و ((شرح العقيدة الطحاوية)) (٢/ ٧٧٥)، و ((شرح الفقه الأكبر)) لملا علي قاري (ص: ٢٢٣)، و ((وتيسير العزيز الحميد)) (ص: ٤٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>