(٢) قرر الشافعي هذه المسألة في مواضع من كتابه ((الأم))، فمن ذلك قوله: (وذكر الله عز وجل نعمته على بني إسرائيل في غير موضعٍ من كتابه وما آتاهم دون غيرهم من أهل دهرهم، كان من دان دين بني إسرائيل قبل الإسلام من غير بني إسرائيل في غير معنى من بني إسرائيل أن ينكح؛ لأنه لا يقع عليهم أهل الكتاب، بأن آباءهم كانوا غير أهل الكتاب، ومن غير نسب بني إسرائيل، فلم يكونوا أهل كتاب إلا بمعنى، لا أهل كتابٍ مطلق، فلم يجز والله تعالى أعلم أن ينكح نساء أحد من العرب والعجم غير بني إسرائيل دان دين اليهود والنصارى بحال ... فمن كان من بني إسرائيل يدين دين اليهود والنصارى نكح نساؤه وأكلت ذبيحته، ومن نكح نساؤه فسبي منهم أحد وطئ بالملك. ومن دان دين بني إسرائيل من غيرهم لم تنكح نساؤه، ولم تؤكل ذبيحته، ولم توطأ أمته) انتهى من ((الأم)) (٤/ ١٩٣). وقال: (فكل من دان ودان آباؤه أو دان بنفسه وإن لم يدن آباؤه دينَ أهل الكتاب، أي كتابٍ كان قبل نزول الفرقان، وخالف دين أهل الأوثان قبل نزول الفرقان، فهو خارج من أهل الأوثان، وعلى الإمام إذا أعطاه الجزية وهو صاغر أن يقبلها منه عربيا كان أو عجميا. وكل من دخل عليه الإسلام، ولا يدين دين أهل الكتاب ممن كان عربيا أو عجميا فأراد أن تؤخذ منه الجزية ويقر على دينه، أو يحدث أن يدين دين أهل الكتاب، فليس للإمام أن يأخذ منه الجزية، وعليه أن يقاتله حتى يسلم كما يقاتل أهل الأوثان حتى يسلموا). ((الأم)) (٤/ ١٨٤). وقال: (أصل ما أبني عليه أن الجزية لا تقبل من أحد دان دين كتابي إلا أن يكون آباؤه دانوا به قبل نزول الفرقان) نقله عنه المزني، انظر: ((الأم)) (٨/ ٣٨٧) وانظر: ((المجموع)) (٩/ ٨٤)، ((فتاوى الرملي)) (٤/ ٦٣). (٣) ((نوادر الفقهاء)) (ص: ٧٥). (٤) ((نوادر الفقهاء)) (ص: ١٧٩). (٥) ((أحكام القرآن)) (٢/ ٤٥٧).