للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال رحمه الله: (أهل السنة يقولون: الإيمان قول وعمل مخافة أن يزكوا أنفسهم، لا يجوز عمل إلا بإيمان، ولا إيمان إلا بعمل، فإن قال من إمامك في هذا؟ فقل: سفيان الثوري) (١).

وقال أيضا: (كان الفقهاء يقولون: لا يستقيم قول إلا بعمل، ولا يستقيم قول وعمل إلا بنية، ولا يستقيم قول وعمل ونية إلا بموافقة السنة) (٢).

وقال أيضا: (لا يصلح قول إلا بعمل) (٣).

٧ - الفضيل بن عياض، ت: ١٨٧هـ

قال: (لا يصلح قول إلا بعمل) (٤).

٨ - سفيان بن عيينة، ت: ١٩٨هـ

قال:: (الإيمان قول وعمل). (وأخذناه ممن قبلنا، وأنه لا يكون قول إلا بعمل. قيل له: يزيد وينقص؟ قال: فإيش إذا؟!) (٥).

وقال وقد سئل عن الإرجاء: (يقولون: الإيمان قول، ونحن نقول: الإيمان قول وعمل.

والمرجئة أوجبوا الجنة لمن شهد أن لا إله إلا الله مصرا بقلبه على ترك الفرائض، وسموا ترك الفرائض ذنبا بمنزلة ركوب المحارم، وليسوا سواء؛ لأن ركوب المحارم من غير استحلال معصية. وترك الفرائض من غير جهل ولا عذر هو كفر.

وبيان ذلك في أمر آدم صلوات الله عليه وإبليس وعلماء اليهود.

أما آدم فنهاه الله عن أكل الشجرة وحرمها عليه فأكل منها متعمدا ليكون ملكا أو يكون من الخالدين فسمي عاصيا من غير كفر.

وأما إبليس لعنه الله فإنه فرض عليه سجدة واحدة فجحدها متعمدا فسمي كافرا.

وأما علماء اليهود فعرفوا نعت النبي صلى الله عليه وسلم وأنه نبي رسول كما يعرفون أبناءهم، وأقروا به باللسان، ولم يتبعوا شريعته، فسماهم الله عز وجل كفارا.

فركوب المحارم مثل ذنب آدم وغيره من الأنبياء. وأما ترك الفرائض جحودا فهو كفر، مثل كفر إبليس لعنه الله. وتركها على معرفة من غير جحود فهو كفر، مثل كفر علماء اليهود. والله أعلم) (٦).

٩ - إسحاق بن راهويه، ت: ٢٣٨هـ

قال: (غلت المرجئة حتى صار من قولهم: إن قوما يقولون: من ترك المكتوبات، وصوم رمضان، والزكاة، والحج، وعامة الفرائض من غير جحود بها أنا لا نكفّره، يرجى أمره إلى الله بعد؛ إذ هو مقر. فهؤلاء المرجئة الذين لاشك فيهم) (٧).

وكلامه يؤخذ منه أمران:

الأول: تكفير من ترك عامة الفرائض، وهذا مطابق لما سبق نقله عن سفيان بن عيينة، وهو عين ما يقرره شيخ الإسلام، كما سيأتي، لكنه يعبّر بلفظ: الواجبات، ولا فرق.

الثاني: الحكم على المخالف في هذه المسألة بأنه من المرجئة.

١٠ - أبو ثور: إبراهيم بن خالد الكلبي الفقيه، ت: ٢٤٠هـ

قال: (فأما الطائفة التي زعمت أن العمل ليس من الإيمان؛ فيقال لهم: ما أراد الله من العباد إذ قال لهم: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الراكِعِينَ [البقرة:٤٣]، الإقرار بذلك أو الإقرار والعمل؟ فإن قالت: إن الله أراد الإقرار ولم يرد العمل؛ فقد كفرت عند أهل العلم، من قال إن الله لم يرد من العباد أن يصلوا ولا يؤتوا الزكاة!

فإن قالت: أراد منهم الإقرار والعمل!


(١) رواه اللالكائي (٥/ ٩٨٠).
(٢) رواه ابن بطة في ((الإبانة)) (١/ ٣٣٣)، وفي (٢/ ٨٠٧).
(٣) رواه عبدالله بن أحمد في ((السنة)) (١/ ٣٣٧).
(٤) رواه عبدالله بن أحمد في ((السنة)) (١/ ٣٣٧).
(٥) رواه الآجري في ((الشريعة)) (ص: ٢٣٩)، وابن بطة في ((الإبانة)) (٢/ ٨٥٥)، وإسناد صحيح، كما في: ((أقوال التابعين في مسائل التوحيد والإيمان)) (٣/ ١١٢٣)، وأشار المؤلف إلى أن قوله هذا يشعر بحكاية الإجماع عن التابعين أن الإيمان قول وعمل، وهو الحق الذي لا مرية فيه.
(٦) رواه عبدالله بن أحمد في ((السنة)) (١/ ٣٤٧)، وأورده ابن رجب في شرحه على البخاري (١/ ٢٥)، وفي ((جامع العلوم والحكم)) (ص٤٤).
(٧) ((مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه)) لحرب الكرماني، (ص٣٧٧). ونقله ابن رجب، كما في ((فتح الباري)) (١/ ٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>