للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: فإذا أراد منهم الأمرين جميعا لم زعمتم أنه يكون مؤمنا بأحدهما دون الآخر وقد أرادهما جميعا؟!

أرأيتم لو أن رجلا قال: أعمل جميع ما أمر الله ولا أقر به أيكون مؤمنا؟ فإن قالوا: لا!

قيل لهم: فإن قال: أقر بجميع ما أمر الله به ولا أعمل منه شيئا أيكون مؤمنا؟

فإن قالوا: نعم!

قيل لهم: ما الفرق وقد زعمتم أن الله أراد الأمرين جميعا فإن جاز أن يكون بأحدهما مؤمنا إذا ترك الآخر جاز أن يكون بالآخر إذا عمل ولم يقر مؤمنا، لا فرق بين ذلك!

فإن احتج فقال: لو أن رجلا أسلم فأقر بجميع ما جاء به النبي أيكون مؤمنا بهذا الإقرار قبل أن يجيء وقت عمل؟ قيل له: إنما نطلق له الاسم بتصديقه أن العمل عليه بقوله أن يعمله في وقته إذا جاء، وليس عليه في هذا الوقت الإقرار بجميع ما يكون به مؤمنا، ولو قال: أقر ولا أعمل؛ لم نطلق له اسم الإيمان. وفيما بينا من هذا ما يكتفى به ونسأل الله التوفيق) (١).

١١ - أحمد بن حنبل، ت:٢٤١هـ

قال في رواية محمد بن موسى البغدادي: (الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، وإذا عملت الحسن زاد، وإذا ضيعت نقص، والإيمان لا يكون إلا بعمل) (٢).

١٢ - أبو بكر الآجري المتوفى سنة ٣٦٠هـ

قال: (فالأعمال – رحمكم الله تعالى – بالجوارح تصديق للإيمان بالقلب واللسان.

فمن لم يصدق الإيمان بجوارحه: مثل الطهارة والصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد وأشباه لهذه، ورضي من نفسه بالمعرفة والقول: لم يكن مؤمنا، ولم تنفعه المعرفة والقول، وكان تركه العمل تكذيبا منه لإيمانه، وكان العمل بما ذكرنا تصديقا منه لإيمانه، وبالله تعالى التوفيق) (٣).

وقال: (هذا بيان لمن عقل، يعلم أنه لا يصحّ الدين إلا بالتصديق بالقلب، والإقرار باللسان، والعمل بالجوارح، مثل الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد، وما أشبه ذلك) (٤).

وقال: وقال تعالى: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصالِحُ يَرْفَعُهُ [فاطر:١٠] فأخبر تعالى بأن الكلم الطيب حقيقته أن يُرفع إلى الله عز وجل بالعمل الصالح، فإن لم يكن عملٌ، بطل الكلام من قائله، ورد عليه. ولا كلام أطيب وأجل من التوحيد، ولا عمل من عمل الصالحات أجل من أداء الفرائض ... ثم جعل على كل قول دليلا، من عملٍ يصدقه، ومن عملٍ يكذبه، فإذا قال قولا حسنا، وعمل عملا حسنا، رفع الله قوله بعمله، وإذا قال قولا حسنا، وعمل عملا سيئا، رد الله القول على العمل، وذلك في كتاب الله: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصالِحُ يَرْفَعُهُ [فاطر:١٠] (٥).

١٣ - ابن بطة العكبري، ت: ٣٨٧ هـ

قال: (فقد تلوت عليكم من كتاب الله ما يدل العقلاء من المؤمنين أن الإيمان قول وعمل، وأن من صدق بالقول وترك العمل كان مكذبا وخارجا من الإيمان، وأن الله لا يقبل قولا إلا بعمل، ولا عملا إلا بقول) (٦).


(١) رواه اللالكائي (٤/ ٩٣١ - ٩٣٣)، ونقله شيخ الإسلام في كتاب ((الإيمان)) كما في ((مجموع الفتاوى)) (٧/ ٣٨٧).
(٢) ((الإيمان)) لأبي يعلى (ص: ١٥٣).
(٣) ((الشريعة)) (٢/ ٦١٤).
(٤) ((الشريعة)) (٢/ ٥٦٣).
(٥) ((الشريعة)) (٢/ ٦٣٢) وما بعدها، وانظر كلاماً قريباً منه لابن بطة، في ((الإبانة)) (٢/ ٩٧١).
(٦) ((الإبانة)) (٢/ ٧٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>