للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (ومحال أن ينتفي انقياد الجوارح بالأعمال الظاهرة مع ثبوت عمل القلب، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلا وَهِيَ الْقَلْبُ)) (١). ومن هنا يتبين لك أن من قال من أهل السنة في الإيمان هو التصديق على ظاهر اللغة؛ أنهم إنما عنوا التصديق الإذعاني المستلزم للانقياد ظاهراً وباطناً، لم يعنوا مجرد التصديق) (٢).

١٩ - الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، ت:١٣٨٩هـ

قال: (فدل على أن مجرد قول لا إله إلا الله لا يمنع من التكفير، بل يقولها ناس كثير ويكونون كفارا: إما لعدم العلمِ بها، أو العملِ بها، أو وجود ما ينافيها، فلابد مع النطق بها من أشياء أخر، أكبرها معرفة معناها والعمل به) (٣).

٢٠ - الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز، ت: ١٤٢٠هـ

وقد زعم البعض أنه يرى مسألة ترك عمل الجوارح بالكلية، مسألةً خلافية بين أهل السنة، وهذا زعم باطل، فالشيخ: يجزم بأن العمل ركن في الإيمان، وأن القول بأنه شرط كمال قول المرجئة، لا قول أهل السنة، ويرى أنه لا يتصور وجود الإيمان مع ترك جميع العمل، وتولى التحذير من القول المخالف الذي يحكم بإسلام تارك العمل بالكلية، وقرظ وأقرّ ما فيه التصريح بأن ترك جميع العمل كفر. وإليك البيان من ثمانية أوجه:

الأول: أن الشيخ صرح في حوار أجرته معه مجلة المشكاة بأن مقولة: "العمل شرط كمال" هي مقولة المرجئة، وهذا نص الحوار:

(المشكاة: ذكر الحافظ ابن حجر في الفتح عندما تكلم على مسألة الإيمان والعمل، وهل هو داخل في المسمى، ذكر أنه شرط كمال، قال الحافظ (السلف قالوا .... ).

الشيخ ابن باز: لا، هو جزء، ما هو بشرط، هو جزء من الإيمان، الإيمان قول وعلم وعقيدة أي تصديق، والإيمان يتكون من القول والعمل والتصديق عند أهل السنة والجماعة.

المشكاة: هناك من يقول بأنه داخل في الإيمان لكنه شرط كمال؟

الشيخ: لا، لا، ما هو بشرط كمال، جزء، جزء من الإيمان. هذا قول المرجئة، المرجئة يرون الإيمان قول وتصديق فقط، والآخرون يقولون: المعرفة. وبعضهم يقول: التصديق. وكل هذا غلط.

الصواب عند أهل السنة أن الإيمان قول وعمل وعقيدة، كما في الواسطية، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.

المشكاة: المقصود بالعمل جنس العمل؟

الشيخ: من صلاة وصوم وغيره. عمل القلب من خوف ورجاء.

المشكاة: يذكرون أنكم لم تعلقوا على هذا في أول الفتح؟

الشيخ: ما أدري، تعليقنا قبل أربعين سنة، قبل أن نذهب إلى المدينة، ونحن ذهبنا للمدينة في سنة ١٣٨١ هـ، وسجلنا تصحيحات الفتح أظن في ١٣٧٧هـ أو ٨٧ (لعلها ٧٨) أي تقريبا قبل أربعين سنة. ما أذكر يمكن مرّ ولم نفطن له) (٤).

الثاني: أن الشيخ حذر من كتاب (ضبط الضوابط في الإيمان ونواقضه)، واعتبر كتابه داعيا لمذهب الإرجاء المذموم وأنه لا يعتبر الأعمال الظاهرة في حقيقة الإيمان.

والكتاب المحذَّر منه يرى أن عمل الجوارح شرط كمال في الإيمان، وأن تاركه بالكلية مسلم عاص معرض للوعيد. ولو كان الشيخ يراها مسألة خلافية لما حذر من كتابه ولما وصفه بالإرجاء.

الثالث: أن الشيخ أقر ما تعقب به الشيخ علي بن عبد العزيز الشبل كلام الحافظ ابن حجر، وذلك في كتابه: (التنبيه على المخالفات العقدية في الفتح) (ص٢٨)


(١) رواه البخاري (٥٢) ومسلم (١٥٩٩).
(٢) ((معارج القبول)) (٢/ ٥٩٤).
(٣) ((شرح كشف الشبهات)) جمع محمد بن عبدالرحمن بن قاسم، ص (١١١).
(٤) ((مجلة المشكاة)) المجلد الثاني، الجزء الثاني (ص: ٢٧٩، ٢٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>