للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال المؤلف: (الصواب أن الأعمال عند السلف الصالح قد تكون شرطا في صحة الإيمان، أي أنها من حقيقة الإيمان، قد ينتفي الإيمان بانتفائها كالصلاة. وقد تكون شرطا في كماله الواجب فينقص الإيمان بانتفائها كبقية الأعمال التي تركها فسق ومعصية وليس كفرا، فهذا التفصيل لابد منه لفهم قول السلف الصالح وعدم خلطه بقول الوعيدية. مع أن العمل عند أهل السنة والجماعة ركن من أركان الإيمان الثلاثة: قول وعمل واعتقاد، والإيمان عندهم يزيد وينقص خلافا للخوارج والمعتزلة، والله ولي التوفيق) (١).

الرابع: أن الشيخ قد أقر ما هو أبلغ من ذلك وأظهر في نقد كلام ابن حجر وبيان معتقد أهل السنة، وذلك بإقراره ما كتبه الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف في كتابه: (التوسط والاقتصاد في أن الكفر يكون بالقول أو الفعل أو الاعتقاد)، حيث علق المؤلف في الهامش بقوله: (وكلامه هذا عليه مآخذ أهمها نسبته القول بأن الأعمال شرط في كمال الإيمان للسلف، وهو على إطلاقه غير صحيح، بل في ذلك تفصيل:

فالأعمال المكفرة سواء كانت تركا، كترك جنس العمل أو الشهادتين أو الصلاة، أو كانت فعلا كالسجود لصنم أو الذبح لغير الله، فهي شرط في صحة الإيمان، وما كان ذنبا دون الكفر فشرط كمال. وإنما أوردت كلامه هنا لحُكمه بالكفر على من فعل فعلا يدل على كفره كالسجود لصنم دون أن يقيده بالاعتقاد. على أن هذه العبارة فيها نظر أيضا، فالسجود لصنم كفر بمجرده وليس فعلا يدل على الكفر) (٢).

وقد أثنى الشيخ على الكتاب وقال: (فألفيتها رسالة قيمة مفيدة يحسن طبعها ونشرها ليستفيد منها المسلمون).

الخامس: أن الشيخ قرظ كتاب (درء الفتنة عن أهل السنة) للشيخ بكر بن عبدالله أبو زيد حفظه الله، وقد جاء في الكتاب: (وإياك ثم إياك- أيها المسلم- أن تغتر بما فاه به بعض الناس من التهوين بواحد من هذه الأسس الخمسة لحقيقة الإيمان، لا سيما ما تلقفوه عن الجهمية وغلاة المرجئة من أن العمل كمالي في حقيقة الإيمان ليس ركنا فيه، وهذا إعراض عن المحكم من كتاب الله تعالى في نحو ستين موضعا، مثل قول الله تعالى: وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [الأعراف:٤٣]، ونحوها في السنة كثير، وخرق لإجماع الصحابة ومن تبعهم بإحسان) (٣).

والأسس الخمسة المشار إليها هي أن الإيمان: اعتقاد بالجنان، وقول باللسان، وعمل بالأركان، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية.

قال الشيخ ابن باز في تقريظه: (أما بعد: فقد اطلعت على هذه الرسالة الموسومة بـ (درء الفتنة عن أهل السنة) من مؤلفات أخينا العلامة الدكتور بكر بن عبدالله أبو زيد، فألفيتها رسالة قيمة مفيدة جديرة بالنشر والتوزيع. جزى الله مؤلفها خيرا وضاعف مثوبته ونصر به الحق، إنه جواد كريم. وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه) (٤).

السادس: أن الشيخ يرى كفر من ترك عمل الجوارح بالكلية، وهذا يعلم من: تصريحه بكفر تارك الصلاة، فتارك الصلاة وما معها من أعمال الجوارح لا شك في كفره عند الشيخ، من باب أولى.

وليست المسألة راجعة إلى قضية الصلاة، حتى يدعى الخلاف فيها، بناء على الخلاف المشهور في حكم تارك الصلاة، بل جميع أهل السنة يرون ركنية العمل وضرورة وجوده ليصح الإيمان، سواء قالوا بكفر تارك الصلاة أو نازعوا في ذلك. يوضحه الوجه:


(١) ((التنبيهات على المخالفات العقدية في فتح الباري)) (ص٢٨).
(٢) ((التوسط والاقتصاد)) (ص: ٧١).
(٣) ((درء الفتنة عن أهل السنة)) (ص: ٣٤).
(٤) ((درء الفتنة عن أهل السنة)) (ص: ١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>