للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإما أن يكون هذا عاما ولكنه يستثنى منه ما دلت النصوص الشرعية على أنه لا بد أن يعمل كالصلاة، فمن لم يصل فهو كافر لا تنفعه الشفاعة ولا يخرج من النار) (١).

(٦) وسئل: كيف التوفيق بين قوله صلى الله عليه وسلم في أقوام يدخلون الجنة ولم يسجدوا لله سجدة، والأحاديث التي جاءت بكفر تارك الصلاة؟

فأجاب: (يحمل قوله صلى الله عليه وسلم: إنهم يدخلون الجنة ولم يسجدوا لله سجدة على أناس يجهلون وجوب الصلاة، كما لو كانوا في بلاد بعيدة عن الإسلام، أو في بادية لا تسمع عن الصلاة شيئا. ويحمل أيضا على من ماتوا فور إسلامهم دون أن يسجدوا لله سجدة.

وإنما قلنا ذلك لأن هذا الحديث الذي ذكرت من الأحاديث المتشابهة، وأحاديث كفر تارك الصلاة من الأحاديث المحكمة البينة، والواجب على المؤمن في الاستدلال بالقرآن أو السنة أن يحمل المتشابه على المحكم. واتباع المتشابه واطّراح المحكم طريقة من في قلوبهم زيغ والعياذ بالله، كما قال الله تعالى: هُوَ الَّذِي أَنزلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَما الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ [آل عمران: ٧]) (٢).

(٧) وسئل: استدل بعض العلماء على عدم كفر تارك الصلاة بحديث الشفاعة الطويل الذي أخرجه البخاري ومسلم ... فما قولكم حفظكم الله تعالى؟

فأجاب بقوله: (حديث الشفاعة الذي استدل به من لا يرى كفر تارك الصلاة عام مخصوص بلا ريب، فإنه مخصوص بمن قال لا إله إلا الله وأتى مكفراً، مثل أن يقول: لا إله إلا الله وهو ينكر تحريم الربا، أو فرضية الصلاة ونحو ذلك، لم يخرج من النار بشفاعة ولا غيرها، فكذلك من قال: لا إله إلا الله، وترك الصلاة، فإنه لا يخرج من النار بشفاعة ولا غيرها، لأنه كافر، فأي فرق بين من كفر بجحد فرضية الصلاة مع نطقه بالشهادة، ومن كفر بترك الصلاة مع نطقه بالشهادة؟!! فكما أن الأول لا يدخل في الحديث فكذلك الثاني.

وأيضاً فإن قوله: ((لم يعمل خيراً قط)) عام يدخل فيه من لم يصل؛ لأن الصلاة من الخير، ولكن هذا العموم خُصَّ بالأدلة الدالة على كفر تارك الصلاة، فيخرج تارك الصلاة من عمومه، كما هو الشأن في العمومات المخصوصة) (٣).

(٨) وسئل رحمه الله: يوجد قِبَلنا من يقول: الإيمان اعتقاد بالقلب، وتلفظ باللسان، وأصل عمل القلوب (٤)

فقال - وهو غاضب-: (أعوذ بالله، هذا قول المرجئة، وهو مذهب قديم معروف) (٥).

(٩) وسئل: نرجو توضيح كلام شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال: (ولكن ما وقر في القلب وصدقته الأعمال، فالعمل يصدِّق أن في القلب إيمانا، وإذا لم يكن عمل كذّب أن في القلب إيمانا؛ لان ما في القلب مستلزم للعمل الظاهر، وانتفاء اللازم يدل على انتفاء الملزوم.


(١) ((مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين)) (٢/ ٢).
(٢) لقاءات الباب المفتوح (٣/ ١٦٩) سؤال رقم (١٢٥٨)
(٣) ((مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين)) (١٢/ ٧١) وما بعدها.
(٤) مما يؤسف له أن هذه المقالة الفاسدة راجت على بعض طلبة العلم، حتى ظنوا أن قول السلف: الإيمان قول وعمل، يعنون به الإيمان الكامل، وأما أصل الإيمان المخرج من الكفر فلا يشترط فيه شيء من عمل الجوارح، وهذا لا شك في بطلانه من وجوه، منها: أنه مخالف لإجماع السلف الذين قرروا أنه لا يجزئ التصديق والقول من دون عمل الجوراح. ومنها: أن هذا نفي للتلازم بين الظاهر والباطن، وتصورٌ لوجود عمل القلب مع تصديقه، دون أن يظهر موجب ذلك ولازمه على الجوارح.
(٥) ((تنبيه الإخوان إلى حقيقة الإيمان)) للأخ علي بن عبد العزيز موسى (ص٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>