للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وكذلك في قصة بيعة عثمان الثابتة في الصحيح (١) - كما مر - أنه لما لم يبق في الشورى إلا عثمان، وعلي، والحكم عبد الرحمن بن عوف، وبقي عبد الرحمن بن عوف ثلاثة أيام بلياليها يشاور المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان، ويشاور أمهات المؤمنين، ويشاور أمراء الأمصار - فإنهم كانوا بالمدينة حجوا مع عمر وشهدوا موته - حتى قال عبد الرحمن: (إن لي ثلاثًا ما اغتمضت بنوم) بعد هذا كله وبعد أخذ المواثيق منهما على أن يبايع من بايعه، أعلن النتيجة بعد هذا الاستفتاء وهي قوله: (إني رأيت الناس لا يعدلون بعثمان) فبايعه علي وعبد الرحمن وسائر المسلمين بيعة رضى واختيار فدلّ ذلك على تقديمه في الأفضلية عليه، قال ابن تيمية: (وهذا إجماع منهم على تقديم عثمان على علي) (٢) ولما سأل رجل عبد الله بن المبارك أيهما أفضل علي أو عثمان قال: (قد كفانا ذاك عبد الرحمن بن عوف) (٣)، وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حينما ولي عثمان الخلافة (أمَّرنا خير من بقي ولم نَأْل) (٤).

ولهذا قال أيوب وأحمد بن حنبل والدارقطني: (من قَدَّم عليًا على عثمان فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار) (٥) ويفسِّر ابن تيمية ذلك بأنه: (لو لم يكن عثمان أحق بالتقديم وقد قدموه كانوا إما جاهلين بفضله، وإما ظالمين بتقديم المفضول من غير ترجيح ديني، ومن نسبهم إلى الجهل والظلم فقد أزرى بهم) (٦).

والسلف وإن كان بعضهم يرى التوقف بعد ذكر عثمان، لا يقدِّمون على علي أحدًا بعد الثلاثة، كما قال الإمام أحمد: (من لم يربِّع بعلي فهو أضل من حمار أهله) (٧) وإنما من قال بالتوقف في التفضيل عند عثمان يريد الاقتداء بحديث ابن عمر السابق، فيذكرون الثلاثة ثم يجملون بقية أصحاب الشورى كما هي رواية عن الإمام أحمد نفسه فقد ذكر عنه اللالكائي قوله: (وخير الأمة بعد نبيها - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر الصديق، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان. نقدِّم هؤلاء الثلاثة كما قدَّمهم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يختلفوا في ذلك، ثم بعد هؤلاء الثلاثة أصحاب الشورى الخمسة: علي بن أبي طالب، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد كلهم يصلح للخلافة وكلهم إمام، ونذهب إلى حديث ابن عمر (كنا نعدّ ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيّ وأصحابه متوافرون أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان) (٨).

وبنحوه تمامًا عن علي بن المديني (٩).

وإن كان ورد عنه نفسه رحمه الله روايات ينص فيها على التربيع بعلي منها الرواية السابقة: (من لم يربِّع بعلي فهو أضل من حمار أهله). ومنها رواية الإصطخري حيث قال فيها: (وخير الأمة بعد نبيها - صلى الله عليه وسلم -: أبو بكر، وعمر بعد أبي بكر، وعثمان بعد عمر، وعلي بعد عثمان، ووقف قوم على عثمان) (١٠).


(١) [١١٢٠١])) الحديث مطولاً رواه البخاري (٣٧٠٠). من حديث عمرو بن ميمون رضي الله عنه.
(٢) [١١٢٠٢])) ((مجموع الفتاوى)) (٤/ ٤٢٨).
(٣) [١١٢٠٣])) ((السنة)) للخلال (٢/ ٣٨٩).
(٤) [١١٢٠٤])) رواه الطبراني (٩/ ١٧٠) (٨٨٦١). قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (٩/ ٩١): رواه الطبراني بأسانيد ورجال أحدها رجال الصحيح، وقال الشوكاني في ((در السحابة)) (ص: ١٢٠): [ورد] بأسانيد رجال أحدها رجال الصحيح.
(٥) [١١٢٠٥])) ((مجموع الفتاوى)) (٤/ ٤٢٨). وانظر: ((شرح العقيدة الطحاوية)) (ص ٤٨٦).
(٦) [١١٢٠٦])) ((مجموع الفتاوى)) (٤/ ٤٢٨).
(٧) [١١٢٠٧])) ((منهاج السنة)) (٢/ ٢٠٨).
(٨) [١١٢٠٨])) ((شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة)) (١/ ١٥٩).
(٩) [١١٢٠٩])) ((شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة)) (١/ ١٦٧).
(١٠) [١١٢١٠])) ((طبقات الحنابلة)) لابن أبي يعلى (١/ ٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>