للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيهما عن سعيد بن المسيب قال: أخبرني أبو موسى الأشعري رضي الله عنه أنّه توضّأ في بيته ثم خرج فقلت: لألزمنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأكوننّ معه يومي هذا، قال فجاء المسجد فسأل عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: خرج ووجّه ههنا، فخرجت على إثره أسأل عنه حتى دخل بئر أريس فجلست عند الباب وبابها من جريد – حتى قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجته فتوضّأ، فقمت إليه فإذا هو جالسٌ على بئر أريس وتوسّط قفّها وكشف عن ساقيه ودلاّهما في البئر فسلّمت عليه ثم انصرفت فجلست عند الباب فقلت لأكوننّ بوّاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم، فجاء أبو بكر فدفع الباب فقلت: من هذا؟ فقال: أبو بكر، فقلت: على رسلك، ثم ذهبت فقلت يا رسول الله هذا أبو بكر يستأذن، فقال: ائذن له وبشّره بالجنة، فأقبلت حتى قلت لأبي بكر: ادخل ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبشّرك بالجنة، فدخل أبو بكر فجلس عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم معه في القف ودلّى رجليه في البئر كما صنع النّبيّ صلى الله عليه وسلم وكفّ عن ساقيه، ثم رجعت فجلست وقد تركت أخي يتوضأ ويلحقني، فقلت: إن يرد الله بفلانٍ خيراً – يريد أخاه – يأت به، فإذا إنسانٌ يحرّك الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: عمر بن الخطاب، فقلت: على رسلك، ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلّمت عليه فقلت: هذا عمر بن الخطاب يستأذن، فقال: ائذن له وبشّره بالجنّة، فجئت فقلت له: ادخل وبشّرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنّة، فدخل فجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في القفّ عن يساره ودلى رجليه في البئر، ثم رجعت فجلست فقلت: إن يرد الله بفلانٍ خيراً يأت به، فجاء إنسانٌ يحرّك الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: عثمان بن عفان، فقلت: على رسلك، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال: ائذن له وبشّره بالجنّة على بلوى تصيبه، فقلت له: ادخل وبشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنّة على بلوى تصيبك، فدخل فوجد القفّ قد ملئ فجلس وجاهه من الشّقّ الآخر. قال سعيد بن المسيب: فأولتها قبورهم (١).

وفيهما عن أنس رضي الله عنه أنّ النّبي صلى الله عليه وسلم صعد أحداً وأبو بكر وعمر وعثمان، فرجف بهم فقال: ((اثبت، فإنما عليك نبيٌّ وصدّيقٌ وشهيدان)) (٢).

وله عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ((أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق، ووافق ذلك عندي مالاً، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوماً. قال فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك؟ قلت: مثله. وأتى أبو بكر رضي الله عنه بكلّ ما عنده فقال: يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله. قلت: لا أسبقه إلى شيءٍ أبداً)) هذا حديث حسن صحيح (٣).

ولمسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: ((من أصبح منكم اليوم صائماً؟ قال أبو بكر: أنا، قال: من تبع منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكر: أنا. قال: فمن أطعم منكم اليوم مسكيناً؟ قال أبو بكر: أنا. قال: فمن عاد منكم اليوم مريضاً؟ قال أبو بكر: أنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما اجتمعن في امرئٍ إلاّ دخل الجنّة)) (٤).


(١) رواه البخاري (٣٦٧٤) , ومسلم (٢٤٠٣).
(٢) رواه البخاري (٣٦٧٥).
(٣) رواه أبو داود (١٦٧٨) , والترمذي (٣٦٧٥)، والحاكم (١/ ٥٧٤). والحديث سكت عنه أبو داود, وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. وصححه النووي في ((المجموع)) (٦/ ٢٣٦) , وقال ابن حجر في ((فتح الباري)) (٣/ ٣٤٧): تفرد به هشام بن سعد [وهو] صدوق فيه مقال من جهة حفظه, وحسنه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)).
(٤) رواه مسلم (١٠٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>