للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي (الصحيح) عن عروة أنّ عبد الله بن عدي بن الخيار أخبره أنّ المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث قالا: ((ما منعك أن تكلم عثمان لأخيك الوليد فقد أكثر الناس فيه، فقصدت لعثمان حتى خرج إلى الصلاة، قلت: إنّ لي إليك حاجة وهي نصيحةٌ لك. قال: يا أيّها المرء أعوذ بالله منك، فانصرفت فرجعت إليهم إذ جاء رسول عثمان، فأتيته فقال: ما نصيحتك؟ فقلت: إنّ الله سبحانه بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، وكنت ممّن استجاب لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم، فهاجرت الهجرتين، وصحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأيت هديه. وقد أكثر الناس في شأن الوليد. قال: أدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: لا، ولكن خلص إليّ من علمه ما يخلص إلى العذراء في سترها. قال: أمّا بعد فإنّ الله بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحقّ فكنت ممّن استجاب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وآمنت بما بعث به وهاجرت الهجرتين – كما قلت – وصحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبايعته، فوالله ما عصيته، ولا غششته، حتى توفّاه الله عز وجل ثم أبو بكر مثله، ثم عمر مثله، ثم استخلفت، أفليس لي من الحق مثل الذي لهم؟ قلت: بلى. قال: فما هذه الأحاديث التي تبلغني عنكم؟ أما ما ذكرت من شأن الوليد فسآخذ فيه بالحقّ إن شاء الله. ثم دعا عليّاً فأمره أن يجلده، فجلده ثمانين)) (١).

وفي (المسند) و (السنن) عن عمرو بن جاوان قال: قال الأحنف: ((انطلقنا حجاجاً فمررنا بالمدينة، فبينا نحن في منزلنا إذ جاءنا آتٍ فقال: الناس في المسجد. فانطلقت أنا وصاحبي، فإذا الناس مجتمعون على نفرٍ في المسجد، قال فتخللتهم حتى قمت عليهم، فإذا عليٌّ بن أبي طالب والزبير وطلحة وسعد بن أبي وقاص، قال فلم يكن ذلك بأسرع من أن جاء عثمان يمشي. فقال: ههنا علي؟ قالوا: نعم، قال: ههنا الزبير؟ قالوا: نعم. قال: ههنا طلحة؟ قالوا: نعم. قال: ههنا سعد بن أبي وقاص؟ قالوا: نعم. قال: أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو، تعلمون أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من يبتاع مربد بني فلان غفر الله له)) فابتعته، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إني قد ابتعته، فقال: ((اجعله في مسجدنا وأجره لك) قالوا: نعم. قال: أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو، تعلمون أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من يبتاع بئر رومة)) فابتعتها بكذا وكذا، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إنّي قد ابتعتها – يعني بئر رومة – قال: ((اجعلها سقايةً للمسلمين، ولك أجرها) قالوا: نعم. قال: أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو، تعلمون أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر في وجوه القوم يوم جيش العسرة فقال: ((من يجهّز هؤلاء غفر الله له)) فجهزتهم حتى ما يفقدون خطاماً ولا عقالاً؟ قالوا: اللهم نعم. فقال: اللهم اشهد، اللهم اشهد، اللهم اشهد، ثم انصرف رضي الله عنه)) (٢).


(١) رواه البخاري (٣٦٩٦).
(٢) رواه النسائي (٦/ ٤٦) , وأحمد (١/ ٧٠) (٥١١). قال أحمد شاكر في ((مسند أحمد)) (١/ ٢٤٨): إسناده صحيح. وصححه الألباني في ((صحيح سنن النسائي)).

<<  <  ج: ص:  >  >>