للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: (المنافقون الذين منكم اليوم شر من المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلنا: وكيف؟ قال: أولئك كانوا يخفون نفاقهم، وهؤلاء أعلنوه) (١).

ما أخذ به الرسول صلى الله عليه وسلم في السنة من مشابهة أمته الماضين في الدنيا، وتحذيره من ذلك حديث أبي عبيدة، حين جاء بمال من البحرين

وأما السنة: فجاءت بالإخبار بمشابهتهم في الدنيا، وذم ذلك، والنهي عن ذلك، وكذلك في الدين.

فأما الأول: الذي هو الاستمتاع بالخلاق:

ففي (الصحيحين) - عن عمرو بن عوف: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعث أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين، يأتي بجزيتها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، هو صالح أهل البحرين، وأمر عليهم العلاء بن الحضرمي فقدم أبو عبيدة بمال من البحرين، فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة فوافوا صلاة الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: انصرف فتعرضوا له، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآهم، ثم قال: أظنكم سمعتم أن أبا عبيدة قدم بشيء من البحرين؟ فقالوا: أجل يا رسول الله، فقال: أبشروا، وأملوا ما يسركم، فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط الدنيا عليكم، كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم)) (٢).

فقد أخبر صلى الله عليه وسلم: أنه لا يخاف فتنة الفقر وإنما يخاف بسط الدنيا وتنافسها، وإهلاكها، وهذا هو الاستمتاع بالخلاق المذكور في الآية.

خوف الرسول صلى الله عليه وسلم على أمته من فتنة الدنيا:

وفي (الصحيحين) - عن عقبة بن عامر: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم، خرج يوماً، فصلى على أهل أحد صلاته على الميت، ثم انصرف إلى المنبر فقال: إني فرط لكم، وأنا شهيد عليكم، وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن، وإني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض - أو مفاتيح الأرض - وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي، ولكن أخاف عليكم: أن تتنافسوا فيها)) (٣). وفي رواية: ((ولكني أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوا فيها، وتقتلوا، - فتهلكوا كما هلك من كان قبلكم)). قال عقبة: ((فكان آخر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر)) (٤).

وفي (صحيح مسلم)، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا فتحت عليكم خزائن فارس والروم أي قوم أنتم؟ قال عبد الرحمن بن عوف: نكون كما أمرنا الله عز وجل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تتنافسون، ثم تتحاسدون، ثم تتدابرون، أو - تتباغضون، أو غير ذلك - ثم تنطلقون إلى مساكين المهاجرين، فتحملون بعضهم على رقاب بعض (((٥).


(١) رواه الطبراني في ((الأوسط)) (٣/ ١٣٤).
(٢) رواه البخاري (٤٠١٥) ومسلم (٢٩٦١).
(٣) رواه البخاري (٤٠٤٢) ومسلم (٢٢٩٦) (٣٠) واللفظ لمسلم.
(٤) رواه مسلم (٢٢٩٦) (٣١).
(٥) رواه مسلم (٢٩٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>