للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - عن أبي بردة عن أبيه رضي الله عنه قال: صلينا المغرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قلنا: لو جلسنا حتى نصلي معه العشاء. قال: فجلسنا فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما زلتم هاهنا؟ قلنا يا رسول الله صلينا معك المغرب ثم قلنا: نجلس حتى نصلي معك العشاء قال: أحسنتم أو أصبتم. قال: فرفع رأسه إلى السماء وكان كثيراً ما يرفع رأسه إلى السماء فقال: ((النجوم أمنة للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون)) (١).

قال الإمام النووي: (ومعنى الحديث أن النجوم ما دامت باقية فالسماء باقية فإذا انكدرت النجوم وتناثرت في القيامة وهنت السماء، فانفطرت وانشقت، وذهبت. وقوله صلى الله عليه وسلم وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، أي من الفتن والحروب وارتداد من الأعراب واختلاف القلوب نحو ذلك مما أنذر به صريحاً وقوله صلى الله عليه وسلم وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون. معناه من ظهور البدع والحوادث في الدين والفتن فيه وطلوع قرن الشيطان وظهور الروم وغيرهم وانتهاك مكة والمدينة وغير ذلك) (٢).

فإذا كان وجود الصحابة أماناً لهذه الأمة كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمان لهم، كان هذا دليلاً على عدالتهم رضي الله عنهم.

٥ - عن أبي بكرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبة الوداع ((ألا ليبلغ الشاهد منكم الغائب ... )) (٣).

وجه الاستدلال: من هذا الحديث على عدالة الصحابة رضي الله عنهم (إن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك في حجة الوداع وقد اجتمع فيها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم أو جلهم: وفي قوله عليه الصلاة والسلام هذا لهم أعظم دليل – كما يقول ابن حبان في صحيحه (٤) – على أن الصحابة كلهم عدول ليس فيهم مجروح ولا ضعيف، إذ لو كان فيهم مجروح أو ضعيف أو كان فيهم أحد غير عدل لاستثنى في قوله صلى الله عليه وسلم وقال: ألا ليبلغ فلان وفلان منكم الغائب، فلما جمعهم في الذكر بالأمر بتبليغ من بعدهم دل ذلك على أنهم كلهم عدول، وكفى بمن عدله رسول الله صلى الله عليه وسلم شرفاً) (٥).

٦ - عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة)) (٦).

في الحديث بيان فضل أهل بيعة الرضوان وأنه لا يدخل النار منهم أحد قطعاً (٧).

ومن لا يدخل النار يقع عليه حتماً وصف العدالة وقد فصلت القول في ذلك عند قوله تعالى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ [الفتح: ١٨] الآية في المبحث السابق.


(١) رواه مسلم (٢٥٣١).
(٢) ((شرح صحيح مسلم)) (١٦/ ٨٣).
(٣) رواه البخاري (١٠٥).
(٤) ((صحيح ابن حبان)) (١/ ٩٠).
(٥) ((صحابة رسول الله في الكتاب والسنة)) لعيادة الكبيسي (ص: ٢٨١).
(٦) رواه أبو داود (٤٦٥٣)، والترمذي (٣٨٦٠)، وأحمد (٣/ ٣٥٠) (١٤٨٢٠). والحديث سكت عنه أبي داود، وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن حجر في ((الرحمة الغيثية)) (١١٧)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)). والحديث رواه مسلم (٢٤٩٦) من حديث جابر بن عبد الله يقول: أخبرتني أم مبشر أنها سمعت النبى -صلى الله عليه وسلم- يقول عند حفصة: ((لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد الذين بايعوا تحتها)).
(٧) ينظر: ((شرح النووي على مسلم)) (١٦/ ٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>