للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧ - ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم بشأن حاطب بن أبي بلتعة وإرساله كتاباً إلى المشركين في مكة وقول عمر رضي الله عنه: ((يا رسول الله: قد خان الله ورسوله والمؤمنين فدعني فلأضرب عنقه. فقال عليه الصلاة والسلام: أليس من أهل بدر؟ لعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة – أو قد غفرت لكم – فدمعت عينا عمر وقال: الله ورسوله أعلم)) (١).

حديث حاطب هذا يدل على فضل أصحاب بدر وأن الله سبحانه وتعالى غفر لهم ذنوبهم.

قال صاحب بذل المجهود: (كأنه تعالى علم منهم أنه لا يجيء منهم ما ينافي المغفرة، فقال لهم: اعملوا ما شئتم، إظهاراً لكمال الرضا عنهم وأنه لا يتوقع منهم من الأعمال بحسب الأعم الأغلب إلا الخير، فهذا كناية عن كمال الرضا وصلاح الحال وتوفيقهم غالباً للخير) (٢)، وهذا كله مستلزم لعدالتهم رضي الله عنهم.

٨ - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لو أن الأنصار سلكوا وادياً أو شعباً لسلكت في وادي الأنصار ولولا الهجرة لكنت امرءاً من الأنصار)) فقال أبو هريرة: ما ظلم – بأبي وأمي – آووه ونصروه أو كلمة أخرى (٣).

في الحديث بيان فضل الأنصار بل وعدالتهم إذ كيف يسلك الرسول صلى الله عليه وسلم مسلك الأنصار لو لم يكونوا عدولاً ولذلك عد الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث آخر حبهم إيماناً وبغضهم نفاقاً فقال: ((الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن، ولا يبغضهم إلا منافق، فمن أحبهم أحبه الله ومن أبغضهم أبغضه الله)) (٤).

وإن في حديث أبي هريرة بيان فضل الهجرة والمهاجرين إذ جعلها الرسول صلى الله عليه وسلم مانعاً عن دخوله في شعب الأنصار وما ذلك إلا لما فيها من الفضل وما لها من المكانة.

هذه الأحاديث تدل على عدالة الصحابة دون شك أو ريب إذ فيها الثناء الجميل على أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم والفضل الكبير لهم الدال على عدالتهم، ونزاهتهم ولذلك قال ابن عبد البر: (ثبتت عدالة جميعهم بثناء الله عز وجل، وثناء رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا أعدل ممن ارتضاه الله لصحبة نبيه، ولا تزكية أفضل من ذلك، ولا تعديل أكمل منه) (٥). عدالة الصحابة رضي الله عنهم عند المسلمين لمحمد محمود لطيف الفهداوي – ص: ٨١


(١) رواه البخاري (٣٩٨٣). من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
(٢) ((بذل المجهود)) للسهارنفوري (١٨/ ١٧٨).
(٣) رواه البخاري (٣٧٧٩).
(٤) رواه البخاري (٣٧٨٣)، ومسلم (٧٥). من حديث البراء رضي الله عنهم.
(٥) ((الاستيعاب في معرفة الأصحاب)) (١/ ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>