للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١٥) وروى أيضاً: بإسناده إلى عبد الله بن مصعب قال: (قال لي أمير المؤمنين – المهدي – ما تقول في الذين يشتمون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: زنادقة يا أمير المؤمنين، قال: ما علمت أحداً قال هذا غيرك فكيف ذلك؟ قلت: إنما قوم أرادوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجدوا أحداً من الأمة يتابعهم على ذلك فيه فشتموا أصحابه رضي الله عنهم يا أمير المؤمنين ما أقبح بالرجل أن يصحب صحابة السوء فكأنهم قالوا رسول الله صلى الله عليه وسلم صحب صحابة السوء، فقال لي: ما أرى إلا كما قلت) (١).

(١٦) روى أبو عبيد الله بن بطة إلى أبي بكر بن عياش أنه قال: (لا أصلي على رافضي ولا حروري لأن الرافضي يجعل عمر كافراً، والحروري يجعل علياً كافراً) (٢).

(١٧) روى محمد بن عبد الواحد المقدسي بإسناده إلى يعقوب بن حميد قال: (سمعت سفيان بن عيينة يقول: حج هارون الرشيد أمير المؤمنين فدعاني فقال: يا سفيان إن أبا معاوية الضرير حدثني عن أبي جناب الكلبي عن أبي سليمان الهمداني عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: سيكون بعدي قوم لهم نبز يسمون الرافضة وآية ذلك أنهم يسبون أبا بكر وعمر، فإذا وجدتموهم فاقتلوهم فإنهم مشركون، فقلت: يا أمير المؤمنين اقتلهم بكتاب الله، فقال: يا سفيان وأين موضع ذلك من كتاب الله؟ فقلت: أعوذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ إلى قوله لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ [الفتح: ٢٩]، يا أمير المؤمنين، فمن غاظه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو كافر) (٣).

(١٨) وقال أيضاً: (من نطق في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بكلمة فهو صاحب هوى) (٤).

(١٩) ذكر القرطبي عن عمر بن حبيب قال: (حضرت مجلس هارون الرشيد فجرت مسألة تنازعها الحضور وعلت أصواتهم فاحتج بعضهم بحديث يرويه أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع بعضهم الحديث وزادت المرافعة والخصام، حتى قال قائلون منهم: لا يقبل هذا الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن أبا هريرة متهم فيما يرويه وصرحوا بتكذيبه، ورأيت الرشيد قد نحا نحوهم، ونصر قولهم، فقلت أنا: الحديث صحيح عن رسول الله وأبو هريرة صحيح النقل صدوق فيما يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم وغيره فنظر إليّ الرشيد نظر مغضب وقمت من المجلس فانصرفت إلى منزلي، فلم ألبث حتى قيل: صاحب البريد بالباب، فدخل فقال لي: أجب أمير المؤمنين إجابة مقتول وتحنط وتكفن، فقلت: اللهم إنك تعلم أني دفعت عن صاحب نبيك وأجللت نبيك أن يطعن على أصحابه فسلمني منه، فأدخلت على الرشيد وهو جالس على كرسي .. حاسر عن ذراعيه بيده السيف، وبين يديه النطع، فلما بصر بي قال لي: يا عمر بن حبيب ما تلقاني أحد من الرد والدفع لي بمثل ما تلقيتني به، فقلت: يا أمير المؤمنين إن الذي قلته وجادلت عنه فيه ازدراء على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى ما جاء به إذا كان أصحابه كذابين فالشريعة باطلة، والفرائض والأحكام في الصيام والصلاة والطلاق والنكاح والحدود كله مردود غير مقبول، فرجع إلى نفسه ثم قال: أحييتني يا عمر بن حبيب أحياك الله) (٥).


(١) كتاب ((النهي عن سب الأصحاب وما فيه من الإثم والعقاب)) (ص: ٢٢ - ٢٣)، وأخرجه الخطيب في ((تاريخ بغداد)) (ص: ١٠/ ١٧٥).
(٢) ((الشرح والإبانة)) لابن بطة، (ص: ١٦٠).
(٣) كتاب ((النهي عن سب الأصحاب)) (ص: ٢٤ - ٢٥).
(٤) ذكره عبد القادر الجيلاني في كتابه ((الغنية لطالبي طريق الحق)) (١/ ٧٩).
(٥) ((الجامع لأحكام القرآن)) (١٦/ ٢٩٨ - ٢٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>