للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٢٠) روى أبو عبيد الله بن بطة بإسناده إلى هارون بن زياد، قال: (سمعت الفريابي ورجل يسأله عمن شتم أبا بكر، فقال: كافر، قال: فنصلي؟ قال: لا، فسألته: كيف نصنع به وهو يقول: لا إله إلا الله، قال: لا تمسوه بأيديكم، ادفعوه بالخشب حتى تواروه في حفرته) (١).

(٢١) وقال بشر بن الحارث: (من شتم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو كافر وإن صام وصلى وزعم أنه من المسلمين) (٢).

(٢٢) وقال أبو بكر المروزي: (سألت أبا عبد الله عمن شتم أبا بكر وعمر وعثمان وعائشة رضي الله عنهم، فقال: ما أراه على الإسلام) (٣).

(٢٣) وقال محمد بن بشار: قلت لعبد الرحمن بن مهدي: أحضر جنازة من سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ (لو كان من عصبتي ما ورثته) (٤).

(٢٤) وروى محمد بن عبد الواحد المقدسي بإسناده إلى إسماعيل بن القاسم، قال: (قال لي عبد الله بن سليمان: يا إسماعيل ما تقول فيمن يسب أبا بكر وعمر، قلت: يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، قال لي القتال؟ قلت: نعم، قال: وأني لك هذا؟ قلت: بآية من كتاب الله تعالى، فقال: وآية من كتاب الله؟ قلت: نعم، قال: وأي هي من كتاب الله تعالى، قلت له: قال الله تعالى: إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ في الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ [المائدة: ٣]، ولا فساد في الأرض أعظم من سب أبي بكر وعمر عليهما السلام، قال لي: أحسنت يا إسماعيل) (٥).

وهذه الآثار عن هؤلاء الأئمة كلها دلت على تحريم سب الصحابة عموماً وفيها بيان الخسارة الواضحة التي تلحق من أقحم نفسه في هذا الجرم الكبير وأن من ابتلي بداء المبغضين لخيار الأمة وحمله ذلك على سبهم وتجريحهم إنما رام الطعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم وإبطال الشريعة الإسلامية من أساسها لأن الصحابة إذا كانوا كذابين فجميع أحكام دين الإسلام باطلة، إذ الدين لم يصل إلينا إلا عن طريقهم فهم الذين تلقوه من الرسول صلى الله عليه وسلم ومن جاء بعدهم لم يأخذه إلا عنهم، ومن طعن فيهم، أو جرحهم ماذا يبقى له من الدين وكما دلت تلك الآثار عن أولئك الأسلاف على تحريم سب الصحابة دلت كذلك على أن من تكلم فيهم بكلام لا ينبغي فإنه لا يضرهم وإنما يضر نفسه، فهم رضي الله عنهم قدموا على ما قدموا، وقد قدموا الخير الكثير من الأعمال الجليلة والمآثر الحميدة في نصرة دين الإسلام والكلام فيهم بغير حق إن كانت له حسنات فإنهم يأخذون من حسناته ويضاف ذلك إلى حسناتهم ويزدادون بذلك رفعة عند الله تعالى، وإن لم يكن للمتكلم فيهم حسنات فلا تأثير لكلامه فيهم ولا مضرة عليهم، إذ الذي مدحه الله وأثنى عليه لا يضيره ذم الخلق وتنقصهم. عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام رضي الله عنهم – ناصر بن علي عائض – ٢/ ٨٤٦


(١) ((الشرح والإبانة)) (ص: ١٦٠).
(٢) ((الشرح والإبانة)) لابن بطة (ص: ١٦٢).
(٣) ((الشرح والإبانة)) لابن بطة (ص: ١٦١).
(٤) ((الشرح والإبانة)) (ص: ١٦٠).
(٥) كتاب ((النهي عن سب الأصحاب وما فيه من الإثم والعقاب)) (ص: ٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>