للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١٥) وقال أبو عبد الله القرطبي رحمه الله تعالى: (لا يجوز أن ينسب إلى أحد من الصحابة خطأ مقطوع به، إذ كانوا كلهم اجتهدوا فيما فعلوه وأرادوا الله – عز وجل – وهم كلهم لنا أئمة، وقد تعبدنا بالكف عما شجر بينهم وألا نذكرهم إلا بأحسن الذكر لحرمة الصحبة ولنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن سبهم (١) وأن الله غفر لهم وأخبر بالرضا عنهم هذا مع ما قد ورد من الأخبار من طرق مختلفة عن النبي صلى الله عليه وسلم ((أن طلحة شهيد يمشي على وجه الأرض)) (٢) فلو كان ما خرج إليه من الحرب عصياناً لم يكن بالقتل فيه شهيداً وكذلك لو كان ما خرج إليه خطأ في التأويل وتقصيراً في الواجب عليه لأن الشهادة لا تكون إلا بقتل في طاعة فوجب حمل أمرهم على ما بيناه ومما يدل على ذلك ما قد صح وانتشر من أخبار علي بأن قاتل الزبير في النار (٣)، وقوله: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((بشر قاتل ابن صفية بالنار)) (٤) وإذا كان كذلك فقد ثبت أن طلحة والزبير غير عاصيين ولا آثمين بالقتال لأن ذلك لو كان كذلك لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم في طلحة (شهيد) ولم يخبر أن قاتل الزبير في النار وكذلك من قعد غير مخطئ في التأويل بل صواب أراهم الله الاجتهاد وإذا كان كذلك لم يوجب ذلك لعنهم والبراءة منهم وتفسيقهم وإبطال فضائلهم وجهادهم وعظيم عنائهم في الدين رضي الله عنهم) اهـ (٥).


(١) حديث النهي رواه البخاري (٣٦٧٣)، ومسلم (٢٥٤١). من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
(٢) رواه الترمذي (٣٧٣٩)، والحاكم (٣/ ٤٢٤). من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه. قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث الصلت وقد تكلم بعض أهل العلم في الصلت بن دينار وفي صالح بن موسى من قبل حفظهما، وقال الحاكم: تفرد به الصلت بن دينار وليس من شرط هذا الكتاب، وقال الذهبي في ((التلخيص)): الصلت واه، والحديث صححه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)).
(٣) رواه أحمد (١/ ٨٩) (٦٨١)، والحاكم (٣/ ٤١٤)، والطيالسي (ص: ٢٤)، وابن أبي عاصم في ((السنة)) (١٣٨٨)، والطبراني (١/ ١٢٣) (٢٤٣)، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (٤/ ٢٠٦). وقال: صحيح ثابت، وقال ابن حجر في ((فتح الباري)) (٦/ ٢٦٤): رواه أحمد وغيره من طريق زر بن حبيش عن علي بإسناد صحيح.
(٤) لم أقف عليه من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما هو من قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه. رواه أحمد (١/ ٨٩) (٦٨١)، والحاكم (٣/ ٤١٤)، والطيالسي (ص: ٢٤)، وابن أبي عاصم في ((السنة)) (١٣٨٨)، والطبراني (١/ ١٢٣) (٢٤٣)، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (٤/ ٢٠٦). وقال: صحيح ثابت، وقال ابن حجر في ((فتح الباري)) (٦/ ٢٦٤): رواه أحمد وغيره من طريق زر بن حبيش عن علي بإسناد صحيح.
(٥) ((الجامع لأحكام القرآن)) (١٦/ ٣٢١ - ٣٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>