للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٥) ذكر الإمام البغوي رحمه الله تعالى عند تفسيره لقوله تعالى: وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ الآية. عن مالك بن مغول قال: قال عامر بن شراحيل الشعبي: (يا مالك تفاضلت اليهود والنصارى الرافضة بخصلة سئلت اليهود من خير أهل ملتكم، فقالت: أصحاب موسى عليه السلام، وسئلت النصارى: من خير أهل ملتكم، فقالوا: حواري عيسى عليه السلام، وسئلت الرافضة: من شر أهل ملتكم، فقالوا: أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. أمروا بالاستغفار لهم فسبوهم فالسيف عليهم مسلول إلى يوم القيامة، لا تقوم لهم راية، ولا يثبت لهم قدم، ولا تجتمع لهم كلمة كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله بسفك دمائهم وتفريق شملهم وإدحاض حجتهم، أعاذنا الله وإياكم من الفتن المضلة) (١).

(٦) وروى أبو نعيم بإسناده إلى عمر بن ذر، قال: (أقبلت أنا وأبي دار عامر، فقال له أبي: يا أبا عمر، قال: لبيك، قال: ما تقول فيما قال فيه الناس من هذين الرجلين، قال عامر: أي هذين الرجلين؟ قال: علي وعثمان، قال: إني والله لغني أن أجيء يوم القيامة خصيماً لعلي وعثمان رضي الله تعالى عنهما وغفر لنا ولهما) (٢).

(٧) أخرج عبد بن حميد عن الضحاك بن مزاحم رحمه الله تعالى، أنه قال في قوله تعالى: وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ الآية: (أمروا بالاستغفار لهم وقد علم ما أحدثوا) (٣).

(٨) وأخرج ابن جرير الطبري بإسناده إلى قتادة بن دعامة السدوسي أنه قال بعد قراءته لقوله تعالى: وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ الآية: (إنما أمروا أن يستغفروا لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يؤمروا بسبهم) (٤).

فهذه جملة صالحة من أقوال السلف الصالح كلها دلت على أن كل من جاء بعد الرعيل الأول من الصحابة رضي الله عنهم مأمور بالدعاء والاستغفار لهم، والترحم عليهم، وأنه يجب على كل مسلم أن يطهر قلبه من الغل والحقد عليهم، وقد استنبط أهل العلم من الصحابة ومن جاء بعدهم من علماء أهل السنة والجماعة أن من لم يستغفر لهم وكان في قلبه غل عليهم أنه بعيد من أهل الإسلام، ولا حظ له في الفيء وما يغنمه المسلمون.

(٩) أخرج ابن مردويه عن ابن عمر (أنه سمع رجلاً وهو يتناول بعض المهاجرين فقرأ عليه لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الآية .. ثم قال: هؤلاء المهاجرون فمنهم أنت؟ قال: لا، ثم قرأ عليه وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ الآية، ثم قال: هؤلاء الأنصار، أفأنت منهم؟ قال: لا، ثم قرأ عليه وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ الآية ثم قال: أفمن هؤلاء أنت؟ قال: أرجو، قال: لا ليس من هؤلاء من يسب هؤلاء) (٥).

(١٠) وأخرج ابن مردويه من وجه آخر عن ابن عمر (أنه بلغه أن رجلاً نال من عثمان، فدعاه، فأقعده بين يديه، فقرأ عليه لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الآية، قال: من هؤلاء أنت؟ قال: لا، ثم قرأ وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ الآية، قال: من هؤلاء أنت؟ قال: أرجو أن أكون منهم، قال: لا والله ما يكون منهم من يتناولهم وكان في قلبه الغل عليهم) (٦).

ولم يذكر الآية الواردة في الأنصار لكون الرجل تناول عثمان رضي الله عنه وهو من المهاجرين.


(١) ((تفسير البغوي على حاشية تفسير الخازن)) (٧/ ٥٤)، وذكره القرطبي في ((الجامع لأحكام القرآن)) (١٨/ ٣٣)، وانظر: ((منهاج السنة)) (١/ ٦ - ٧)، ((شرح الطحاوية)) (ص: ٥٣١ - ٥٣٢).
(٢) ((حلية الأولياء)) (٤/ ٣٢١)، ورواه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (١٢/ ١٧٩).
(٣) ((الدر المنثور في التفسير بالمأثور)) (٨/ ١١٣).
(٤) ((جامع البيان)) للطبري (٢٨/ ٤٤ - ٤٥).
(٥) ((الدر المنثور في التفسير المنثور)) (٨/ ١١٣ - ١١٤).
(٦) ((الدر المنثور في التفسير المنثور)) (٨/ ١١٣ - ١١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>