للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهناك جماعة من أهل بيت النبوة غير علي بن أبي طالب رضي الله عنه وردت نصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها دلالة واضحة في أنهم ممن يقطع لهم بدخول الجنة، منهم أم المؤمنين خديجة بنت خويلد بن أسد، فقد بشرها النبي صلى الله عليه وسلم ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب (١)، وابنته فاطمة رضي الله عنها أخبر بأنها سيدة نساء أهل الجنة (٢) وولداها الحسن والحسين فقد بين عليه الصلاة والسلام بأنهما سيدا شباب أهل الجنة (٣)، وحمزة بن عبد المطلب وجعفر بن أبي طالب رضي الله عنهما، فقد أخبر عليه الصلاة والسلام أنه دخل الجنة فنظر فيها فإذا جعفر يطير مع الملائكة (٤) وإذا حمزة متكئ على سرير (٥).

فكل من تقدم ذكره شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة على سبيل التنصيص عليه باسمه منفرداً، كما شهد صلى الله عليه وسلم بالجنة لخلق كثير من الصحابة على سبيل الجمع كأهل بدر وأهل بيعة الرضوان، فأهل بدر كان عددهم رضي الله عنهم بضعة عشر وثلاثمائة، فهؤلاء أخبر عنهم صلى الله عليه وسلم أنهم من أهل الجنة فقد روى البخاري من حديث طويل عن علي رضي الله عنه، وفيه أنه قال: ((لعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة، أو فقد غفرت لكم)) (٦).

وأما أهل بيعة الرضوان فقد كان عددهم ألفاً وأربعمائة (٧) وكلهم شهد لهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة، وأنهم ممن يقطع لهم بدخولها، فقد قال صلى الله عليه وسلم كما في حديث جابر عند مسلم رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد الذين بايعوا تحتها)) (٨).

فقد قال أهل العلم: (معناه لا يدخلها أحد منهم قطعاً ... وإنما قال إن شاء الله للتبرك لا للشك) (٩).

فأهل السنة والجماعة يشهدون بالجنة لكل من قدمنا ذكره في هذا المبحث (١٠)، بل يشهدون بالجنة لجميع الصحابة من مهاجرين وأنصار حيث إن الله تعالى وعدهم جميعاً بالحسنى كما قال: لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى [الحديد: ١٠]. عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام رضي الله عنهم – ناصر بن علي عائض – ٢/ ٧٧٥


(١) الحديث رواه البخاري (٣٨٢٠)، ومسلم (٢٤٣٢). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) الحديث رواه البخاري (٣٦٢٣)، ومسلم (٢٤٥٠). من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٣) رواه الترمذي (٣٧٦٨)، وأحمد (٣/ ٣) (١١٠١٢)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (٥/ ٥٠) (٨١٦٩)، وابن حبان (١٥/ ٤١١) (٦٩٥٩). من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. قال الترمذي: حسن صحيح، وقال الدارقطني في ((سؤالات السهمي)) (٢١٦): صحيح، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (٩/ ٢٠٤): رجاله رجال الصحيح، وقال الشوكاني في ((در السحابة)) (٢١٥): [روي بإسنادين] رجالهما رجال الصحيح.
(٤) رواه الترمذي (٣٧٦٣)، وابن حبان (١٥/ ٥٢١) (٧٠٤٧)، والحاكم (٣/ ٢٣١). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. قال الترمذي: غريب [فيه] عبد الله بن جعفر ضعفه ابن معين وغيره، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الذهبي: المديني واهٍ، والحديث صححه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)).
(٥) رواه الطبراني (٢/ ١٠٧) (١٤٦٦)، وابن عدي (٣/ ٢٣٠)، والحاكم (٣/ ٢١٧). من حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما. وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (٣٣٦٣).
(٦) رواه البخاري (٣٩٨٣).
(٧) انظر: ((الروض الأنف)) (٤/ ٦٤)، و ((أسد الغابة)) (ص: ٥٨٣).
(٨) رواه مسلم (٢٤٩٦).
(٩) ((شرح النووي على صحيح مسلم)) (١٦/ ٥٨).
(١٠) انظر كتاب ((الشرح والإبانة على أصول السنة والديانة)) لابن بطة، (ص: ٢٦١ - ٢٦٤)، ((عقيدة السلف وأصحاب الحديث)) لأبي عثمان الصابوني ضمن ((مجموعة الرسائل المنيرية)) (١/ ١٢٨)، ((لمعة الاعتقاد)) لابن قدامة (ص: ٢٨)، ((العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية مع شرحها)) لمحمد خليل هراس (ص: ١٦٩)، ((قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر)) لصديق حسن خان (ص: ٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>