للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجه دلالة هذه الآية على خلافته رضي الله عنه أن الله –جل وعلا- سماهم (صادقين) ومن شهد له الرب –جل وعلا- بالصدق فإنه لا يقع في الكذب ولا يتخذه خلقاً بحال وقد أطبق هؤلاء الموصوفون بالصدق على تسمية الصديق رضي الله عنه (خليفة رسول الله) (١) صلى الله عليه وسلم ومن هنا كانت الآية دالة على ثبوت خلافته رضي الله عنه. عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام رضي الله عنهم – لناصر بن علي عائض –٢/ ٥٣٢

٢ - الأحاديث النبوية

وأما الأحاديث النبوية التي جاء التنبيه فيها على خلافة أبي بكر رضي الله عنه فكثيرة شهيرة متواترة ظاهرة الدلالة إما على وجه التصريح، أو الإشارة ولاشتهارها وتواترها صارت معلومة من الدين بالضرورة بحيث لا يسع أهل البدعة إنكارها ومن تلك الأحاديث:-

(١) ما رواه الشيخان في (صحيحيهما) عن جبير بن مطعم قال: ((أتت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم فأمرها أن ترجع إليه قالت: أرأيت إن جئت ولم أجدك –كأنها تقول الموت- قال صلى الله عليه وسلم: إن لم تجديني فأتي أبا بكر)) (٢).

اشتمل هذا الحديث على إشارة واضحة في أن الذي يخلفه على الأمة هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه.

قال أبو محمد بن حزم: (وهذا نص جلي على استخلاف أبي بكر) (٣).

وقال الحافظ ابن حجر: (وفي الحديث أن مواعيد النبي صلى الله عليه وسلم كانت على من يتولى الخلافة بعده تنجيزها وفيه رد على الشيعة في زعمهم أنه نص على استخلاف علي والعباس) (٤).

(٢) وروى مسلم رحمه الله بإسناده إلى ابن أبي مليكة قال: (سمعت عائشة وسئلت: من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخلفاً لو استخلفه؟ قالت: أبو بكر. فقيل لها: ثم من بعد أبي بكر؟ قالت: عمر، ثم قيل لها: من بعد عمر؟ قالت: أبو عبيدة بن الجراح ثم انتهت إلى هذا) (٥).

قال النووي: (هذا دليل لأهل السنة في تقديم أبي بكر ثم عمر للخلافة مع إجماع الصحابة وفيه دلالة لأهل السنة أن خلافة أبي بكر ليست بنص من النبي صلى الله عليه وسلم على خلافته صريحاً بل أجمعت الصحابة على عقد الخلافة له وتقديمه لفضيلته ولو كان هناك نص عليه أو على غيره لم تقع المنازعة من الأنصار وغيرهم أولا ولذكر حافظ النص ما معه ولرجعوا إليه لكن تنازعوا أولا ولم يكن هناك نص ثم اتفقوا على أبي بكر واستقر الأمر وأما ما تدعيه الشيعة من النص على علي والوصية إليه فباطل لا أصل له باتفاق المسلمين والاتفاق على بطلان دعواهم من زمن علي وأول من كذبهم علي رضي الله عنه بقوله: (ما عندنا إلا ما في هذه الصحيفة) (٦) الحديث، ولو كان عنده نص لذكره ولم ينقل أنه ذكره في يوم من الأيام ولا أن أحداً ذكره له والله أعلم وأما قوله صلى الله عليه وسلم .. ((للمرأة حين قالت: يا رسول الله أرأيت إن جئت فلم أجدك قال: فإن لم تجديني فأتي أبا بكر)) (٧) فليس فيه نص على خلافته وأمر بها بل هو إخبار بالغيب الذي أعلمه الله تعالى به والله أعلم) (٨).


(١) انظر: ((الفصل في الملل والأهواء والنحل)) (٤/ ١٠٧)، ((منهاج السنة)) (١/ ١٣٥).
(٢) رواه البخاري (٣٦٥٩)، ومسلم (٢٣٨٦).
(٣) ((الفصل في الملل والأهواء والنحل)) (٤/ ١٠٨).
(٤) ((فتح الباري)) (٧/ ٢٤).
(٥) رواه مسلم (٢٣٨٥).
(٦) رواه البخاري (٣١٧٢)، ومسلم (١٣٧٠). من حديث علي رضي الله عنه.
(٧) رواه البخاري (٣٦٥٩)، ومسلم (٢٣٨٦). من حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه.
(٨) ((شرح النووي على مسلم)) (١٥/ ١٥٤ - ١٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>