للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٣) وروى الإمام أحمد وغيره عن حذيفة قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم جلوساً فقال: ((إني لا أدري ما قدر بقائي فيكم فاقتدوا باللذين من بعدي وأشار إلى أبي بكر وعمر وتمسكوا بعهد عمار وما حدثكم ابن مسعود فصدقوه)) (١).

فقوله صلى الله عليه وسلم: ((اقتدوا باللذين من بعدي)) أي: (بالخليفتين اللذين يقومان من بعدي وهما أبو بكر وعمر. وحث على الاقتداء بهما لحسن سيرتهما وصدق سريرتهما وفي الحديث إشارة لأمر الخلافة) (٢).

(٤) وروى الشيخان في (صحيحيهما) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((بينا أنا نائم أريت أني أنزع على حوضي أسقي الناس فجاءني أبو بكر فأخذ الدلو من يدي ليروحني فنزع دلوين وفي نزعه ضعف والله يغفر له فجاء ابن الخطاب فأخذ منه فلم أر نزع رجل قط أقوى منه حتى تولى الناس والحوض ملآن يتفجر)) (٣).

هذا الحديث فيه إشارة ظاهرة إلى خلافة أبي بكر وعمر وصحة ولايتهما وبيان صفتها وانتفاع المسلمين بها.

قال الشافعي رحمه الله تعالى: (رؤيا الأنبياء وحي وقوله: ((وفي نزعه ضعف)) قصر مدته وعجلة موته وشغله بالحرب لأهل الردة عن الافتتاح والتزيد الذي بلغه عمر في طول مدته) (٤).

(٥) وروى الشيخان في (صحيحيهما) من حديث عائشة قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه: ((ادعي لي أبا بكر، وأخاك حتى أكتب كتاباً فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل: أنا أولى. ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر)) (٥).

(٦) وعند الإمام أحمد عنها رضي الله عنها قالت: لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعبد الرحمن بن أبي بكر: ((ائتني بكتف أو لوح حتى أكتب لأبي بكر كتاباً لا يختلف عليه فلما ذهب عبد الرحمن ليقوم قال: أبى الله والمؤمنون أن يختلف عليك يا أبا بكر)) (٦).

دل هذا الحديث دلالة ظاهرة على فضل الصديق رضي الله عنه حيث أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما سيقع في المستقبل بعد التحاقه بالرفيق الأعلى وأن المسلمين يأبون عقد الخلافة لغيره رضي الله عنه وفي الحديث إشارة أنه سيحصل نزاع ووقع كل ذلك كما أخبر عليه الصلاة والسلام ثم اجتمعوا على أبي بكر رضي الله عنه قال أبو محمد بن حزم بعد أن ذكر هذا الحديث: (فهذا نص جلي على استخلافه عليه الصلاة والسلام أبا بكر على ولاية الأمة بعده) (٧).

(٧) وروى البخاري من حديث طويل عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر ولو كنت متخذاً خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر ولكن أخوة الإسلام ومودته لا يبقين في المسجد باب إلا سد إلا باب أبي بكر)) (٨).


(١) رواه أحمد (٥/ ٣٨٥) (٢٣٣٢٤)، ورواه الترمذي (٣٧٩٩)، وابن ماجه (٩٧)، وابن حبان (١٥/ ٣٢٧) (٦٩٠٢). قال الترمذي، وابن عبدالبر في ((جامع بيان العلم وفضله)) (٢/ ١١٦٥)، وابن الملقن في ((شرح صحيح البخاري)) (٩/ ٥٧٨): حسن، وقال ابن حجر في ((موافقة الخبر الخبر)) (١/ ١٤٣): مثله حسن، وصححه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)).
(٢) انظر: ((تحفة الأحوذي)) (١٠/ ١٠٢).
(٣) رواه البخاري (٧٠٢٢)، ومسلم (٢٣٩٢).
(٤) ((الأم)) (١/ ١٦٣).
(٥) رواه البخاري (٥٦٦٦)، ومسلم (٢٣٨٧).
(٦) رواه أحمد (٦/ ٤٧) (٢٤٢٤٥). قال الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (٦٩٠): [فيه] ابن أبي مليكة ضعيف لكنه لم يتفرد به وله شواهد، وقال شعيب الأرناؤوط في تحقيقه للمسند: إسناده ضعيف.
(٧) ((الفصل في الملل والأهواء والنحل)) (٤/ ١٠٨).
(٨) رواه البخاري (٣٦٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>