للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما القول الأول: وهو أن الآل من تحرم عليهم الصدقة على ما فيهم من الاختلاف, فحجته من وجوه:

أحدها: ما رواه البخاري في صحيحه: من حديث أبي هريرة, رضي الله عنه, قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بالنخل عند صرامه, فيجيء هذا بتمرة وهذا بتمرة حتى يصير عنده كوم من تمر, فجعل الحسن والحسين يلعبان بذلك التمر, فأخذ أحدهما تمرة فجعلها في فيه, فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخرجها من فيه, فقال: أما علمت أن آل محمد لا يأكلون الصدقة)) (١) , ورواه مسلم وقال: ((إنا لا تحل لنا الصدقة)) (٢).

الثاني: ما رواه مسلم في صحيحه: عن زيد بن أرقم, قال: ((قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما خطيباً فينا بماء يدعى خماً بين مكة والمدينة, فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ, ثم قال: أما بعد ألا أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي عز وجل، وإني تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله عز وجل فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به, فحث على كتاب الله ورغب فيه, وقال: وأهل بيتي: أذكركم الله في أهل بيتي, أذكركم الله في أهل بيتي.

فقال له حصين بن سبرة: ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: إن نساءه من أهل بيته, ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده. قال: ومن هم؟ قال: هم آل علي وآل عقيل, وآل جعفر, وآل عباس. قال: أكل هؤلاء حرم الصدقة؟ قال: نعم. وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إن الصدقة لا تحل لآل محمد)) (٣).

الدليل الثالث: ما في الصحيحين: من حديث الزهري, عن عروة, عن عائشة رضي الله عنها ((أن فاطمة رضي الله عنها أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من النبي صلى الله عليه وسلم مما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر رضي الله عنه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا نورث, ما تركنا صدقة, إنما يأكل آل محمد من هذا المال يعني مال الله ليس لهم أن يزيدوا على المأكل)) (٤).

فآله صلى الله عليه وسلم لهم خواص: منها حرمان الصدقة, ومنها أنهم لا يرثونه, ومنها استحقاقهم خمس الخمس, ومنها اختصاصهم بالصلاة عليهم.

وقد ثبت أن تحريم الصدقة واستحقاق خمس الخمس وعدم توريثهم مختص ببعض أقاربه صلى الله عليه وسلم فكذلك الصلاة على آله.

الدليل الرابع: ما رواه مسلم: من حديث ابن شهاب, عن عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي, أن عبد المطلب بن ربيعة أخبره، أن أباه ربيعة بن الحارث، قال لعبد المطلب بن ربيعة، وللفضل بن العباس رضي الله عنهما: ((ائتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولا له استعملنا يا رسول الله على الصدقات فذكر الحديث وفيه: فقال لنا: إن هذه الصدقة إنما هي أوساخ الناس وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد)) (٥).

الدليل الخامس: ما رواه مسلم في صحيحه: من حديث عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها ((أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بكبش أقرن، يطأ في سواد، فذكر الحديث وقال فيه: فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم الكبش، فأضجعه، ثم ذبحه ثم قال: بسم الله، اللهم تقبل من محمد، ومن آل محمد, ومن أمة محمد. ثم ضحى به)) (٦).

هكذا رواه مسلم بتمامه، وحقيقة العطف المغايرة، وأمته صلى الله عليه وسلم أعم من آله.

قال أصحاب هذا القول: (وتفسير الآل بكلام النبي صلى الله عليه وسلم أولى من تفسيره بكلام غيره).

فصل


(١) [١٢٢٨٥])) رواه البخاري (١٤٨٥).
(٢) [١٢٢٨٦])) رواه مسلم (١٠٦٩).
(٣) [١٢٢٨٧])) رواه مسلم (٢٤٠٨).
(٤) [١٢٢٨٨])) رواه البخاري (٣٧١١)، ومسلم (١٧٥٩).
(٥) [١٢٢٨٩])) رواه مسلم (١٠٧٢).
(٦) [١٢٢٩٠])) رواه مسلم (١٩٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>